مجتمعنا الثقافي

الفلسفات التربوية الجزء الاول 

الفلسفات التربوية الجزء الاول

الفلسفات التربوية الجزء الاول

المناهج السعودية

الفلسفات التربوية الجزء الاول

إن كثيراً من الناس – لا سيما الإنسان متوسط الثقافة – يعتبر أن كلمة الفلسفة تعني البعد عن الدين والقيم والمثل العليا ويغيب عن باله أصلاً بأن الزبدة الصافية لكل الطرق التي تطرقها الفلسفة لا يخرج عن كلمتين فقط (إيجاد الحكمة) فلا زلت اذكر عندما كنت مسؤولاً للنشاط الثقافي بمدارس منطقة الليث التعليمية لمدة 21 سنة من عام 1973 – 1994م، وخلال المقابلات واللقاءات مع بعض المسؤولين متوسطي الثقافة يحرج من الجواب الذي يطرح عليه : ما فلسفة عملكم الحالي ؟ فيكون الرد مستنكراً بأنه ليست له فلسفة وأنما يطبق أنظمة الدولة والحكومة فقط – بينما القيادات العليا بالدول كافة تنطلق من مبدأ الفلسفة – وأن كان يطلق عليه هنا أو هناك السياسة العليا ؟ مثل عمل اللجنة العليا للسياسة التعليمية في وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية – والتي كان أول وزير للمعارف بها المرحوم خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز ولا زالت البنود والنظام التعليمي المتخذ من عام 1373 هجرية حتى اليوم هي الركائز المتينة التي استطاعت أن تبني فلسفة تربوية إسلامية عظيمة جعلت لكل مادة دراسية أهدافاً عامة للتعليم وأهدافاً خاصة لتحقيق حصول الطلبة على العلوم والمعارف الدقيقة بالتفصيل والثقافة العامة – حتى جعلت من الطالب السعودي – طالباً مثالياً في أية دولة ابتعث إليها على نفقة الحكومة السعودية – وحصوله على مؤهلات وشهادات عليا تنافساً مع طلاب وأبناء نفس تلك الدولة أو الطلاب المبتعثين الآخرين من دولهم على نفس مقاعد ومحاضرات ذات القاعة والأستاذ العرب أو الأجنبي – فاصبح منهم الطيار (ولغة عمله يومياً بالإنجليزية) أو المهندس أو الطبيب أو الجراح أو المخترع أو المعلم أو الصانع المحترف أو المزارع الماهر .. الخ، وما ذلك إلا من تنفيذ وتطبيق الفلسفة الخاصة كل وزارة في مجال عملها فلا ضير إذا أن نقول بأن المنهاج الدراسي أو الجامعي لا بد وأن يسير على فلسفة أو سياسة خاصة، وليس بالضرورة أن معنى السياسة هي التدخل أو معارضة النظام الحاكم (كما يخاف منه كل مسؤول متوسط أو عديم الثقافة عامة ومعنى الفلسفة خاصة).

● معنى الفلسفة لغة واصطلاحاً :
إن الحديث عن الفلسفة لا يرتبط بالحضارة اليونانية فحسب، لكنها جزء من حضارة كل أمة، لذا فالقول “ما هي الفلسفة ؟” لا يعني إجابة واحدة لقد كانت الفلسفة في بادئ عهدها أيام طاليس تبحث عن اصل الوجود، والصانع، والمادة التي أوجد منها، أو بالأحرى العناصر الأساسية التي تكون منها، وطال هذا النقاش فترة طويلة حتى أيام زينون والسفسطائيين الذين استخدموا الفلسفة في الهرطقة وحرف المفاهيم من أجل تغليب وجهات نظرهم، لكن الفترة التي بدأت من أيام سقراط الذي وصفة سيشرون بأنة (انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض)، أي حول التفكير الفلسفي من التفكير في الكون وموجدة وعناصر تكوينه إلى البحث في ذات الإنسان، قد غير كثيراً من معالمها، وحول نقاشاتها إلى طبيعة الإنسان وجوهرة، والإيمان بالخالق، والبحث عنه، واستخدام الدليل العقلي في أثباته، واستخدم سقراط الفلسفة في أشاعه الفضيلة بين الناس والصدق والمحبة، وجاء سقراط وافلاطون معتمدين الأداتين العقل والمنطق، كأساسين من أسس التفكير السليم الذي يسير وفق قواعد تحدد صحته أو بطلانه.
سؤال : “ما الفلسفة ؟” هذا السؤال قد أجاب عنه أرسطو وعلى هذا فحديثنا لم يعد ضرورياً إنه منته قبل أن يبدأ، وسيكون الرد الفوري على ذلك قائماً على أساس أن عبارة أرسطو عن ما هي الفلسفة لم تكن بالإجابة الوحيدة عن السؤال، وفي أحسن الأحوال إن هي إلا إجابة واحدة بين عدة إجابات ويستطيع الشخص بمعونة التعريف الأرسطي للفلسفة أن يتمثّل وأن يفسر كلاً من التفكير السابق على أرسطو وأفلاطون والفلسفة اللاحقة لأرسطو ومع ذلك سيلاحظ الشخص بسهولة أن الفلسفة، والطريقة التي بها أدركت ما هيتها قد تغيرا في الألفي سنة اللاحقة لأرسطو تغييرات عديدة.
وفي الوقت نفسه، ينبغي مع ذلك ألا يتجاهل المرء أن الفلسفة منذ أرسطو حتى نيتشه ظلت – على أساس تلك التغيرات وغيرها – هي نفسها لأن التحولات هي على وجه الدقة احتفاظ بالتماثل داخل “ما هو نفسه”.
صحيح أن تلك الطريقة نتحصّل بمقتضاها على معارف متنوعة وعميقة، بل ونافعة عن كيفية ظهور الفلسفة في مجرى التاريخ، لكننا على هذا الطريق لن نستطيع الوصول إلى إجابة حقيقية أي شرعية عن سؤال : “ما الفلسفة ؟”.
إن التعريف الأرسطي للفلسفة، محبة الحكمة، له أكثر من دلالة، فالدلالة اللغوية وهي تتعلق بلغة الإغريق التي بها تم تركيب هذه الكلمة والدلالة المعرفية التي كانت في مستوى شديد الاختلاف عما نحن عليه، ولا شك أن الدلالة الأخيرة هي التي حددت التعريف وحصرته في محبة الحكمة كشكل للإعراب عن عدم توفر المعطيات العلمية والمعرفية للفيلسوف في ذلك الوقت، فكانت الحكمة أحد أشكال التحايل على المجهول كمادة أولى لكي يصنع منها الفيلسوف نظامه المعرفي، وفق التصور المعرفي الذي كان سائداً في ذلك الزمن.
أما اليوم وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات إلى التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات، فلم يعد دور الفيلسوف فقط حب الحكمة أو الذهاب إليها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل بالمحيط الكوني وتحلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقاً، إن الفيلسوف الآن بات مقيداً بالكثير من المناهج والقوانين المنطقية وبالمعطيات اليقينية في إطار من التراكمات المعرفية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالاً للشك في مشروعيتها في هكذا ظروف وأمام هكذا معطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقاً مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثير الاختلاف عن دور سلفه من العصور الغابرة.
بناء على ما تقدم فإنه لا مفر من إعادة النظر في تغيير مفهوم ومعنى الفلسفة بحيث تكون، إنتاج الحكمة تحتل فلسفة التربية المركز الأول في العملية التربوية. ومن هذه الفلسفة تنبثق أهداف التربية ومناهجها ومؤسساتها وطرقها ووسائلها في التعليم وفي التقويم كما تنبثق الجذور والسيقان والأغصان والأوراق والأزهار والثمار من البذرة التي تودع في باطن الأرض ثم يكون منها تلك الشجرة أو ذلك النبات اللذين يكونان المصادر الأولية لأسباب الحياة للإنسان والحيوان وغيرهما من الكائنات الحية، لذلك تتأثر الأهداف والمناهج والتطبيقات التربوية بفلسفة التربية التي تنبثق عنها وتكون نسبة الصواب والفاعلية بالقدر الذي يكون في فلسفة التربية نفسها، وتكون فلسفة التربية صائبة فاعلة إذا كانت لا تقف عند توليد الوسائل والأساليب التي يحتاجها العمل التربوي وأنما تتضمن أيضاً الغايات والأهداف النهائية التي وجد الإنسان من اجلها في ضوء علاقاته مع الخالق والكون والإنسان خلال رحلته عبر الزمان والمكان في المنشأ والحياة والمصير.
ولا بد لفلسفة التربية بعد أن تقوم ببلورة الغايات والأهداف ثم الأساليب والوسائل أن تستمر في توجيه هذه الأساليب والوسائل نحو تحقيق هذه الأهداف والغايات بتدرج يتناسب مع قوانين الوجود ونمو الخبرات البشرية.
ولا بد لهذه الفلسفة أن تتصف أيضاً بالمرونة والتطور في نظام دائري يبدأ بفلسفة التربية نفسها ثم ينتقل نحو الأهداف التربوية ثم مكونات العمل التربوي والمناهج والأساليب والوسائل التي تتفاعل مع شخصية المتعلم وتسهم في إعادة تشكيل سلوكه ثم تقويم أنماط السلوك الحاصلة تقويماً عملياً تستثمر نتائجه لتساعد على استمرار تطوير الفلسفة التربوية وما يتفرع عنها من الأهداف والأساليب والوسائل.

● ما قبل افلاطون : فلاسفة الطبيعة.
كثيراً ما يطلق على الفلاسفة ألأغارقه اسم فلاسفة الطبيعة لأنهم كانوا يخصون الطبيعة والحوادث الطبيعية بالاهتمام اكتر من أي شي آخر.
إن فلاسفة الطبيعة كانوا قبل كل شي رجال علم كانوا يهتمون بالتحليل الفيزيائي للعالم تم أزيحت دراسة الطبيعة في أتينا لتحل محلها دراسة الإنسان ومكانه في المجتمع.
السفسطائيين : جاء بعد فلاسفة الطبيعة موجة من أساتذة الفلسفة المتجولين من المستعمرات الإغريقية, واستقروا في أتينة، وكانوا يطلقون على انفسهم اسم السفسطائي وتعني أن الإنسان مثقف وكفء، وفي أتينة اصبح تعليم الناس وسيلة لكسب الرزق للسفسطائيين، وكانوا يشتركون مع فلاسفة الطبيعة في سمة وهي انهم كانوا يرمون عرض الحائط بكل ما هو تأمل خالص بلا موضوع فقد كانوا يقتنعون فقط بما هو موجود في الحياة من أمور مادية محسوسة وقال السفسطائي بروتا غوراس : أن الإنسان هو مقياس لكل شي, وكان يعني بذلك أن الصواب والخطأ الحق والباطل شأنه شأن الخير والشر أي أن مفاهيم الخير والشر هي مفاهيم نسبية حسب الشخص الذي يتعامل معها، على عكس سقراط الذي حاول أن يبين أن القواعد والنواظم مطلقة يقبلها جميع الناس.

● سقراط :
سقراط هو الشخصية الأكثر غموضاً في تاريخ الفلسفة كلها : أنه لم يكتب سطراً ومع ذلك فإنه من أولئك الذين كان لهم التأثير في الفكر الأوروبي، قضى سقراط معظم أيام حياته وهو يتحدث إلى الناس في الطرقات وكان يقول دائماً (إن أشجار الريف لا تستطيع أن تعلمني أبداً) حتى في أيام حياته كان رجلاً شديد الخفاء وعندما مات اعتبر المؤسس لمدارس فلسفية عديدة, مختلفة تماماً فيما بينها، ونحن نعرف حياة سقراط بفضل تلميذه افلاطون ثم اصبح واحداً من أكبر الفلاسفة في التاريخ.
ومن المعروف انه من سر نجاح سقراط انه لم يكن أسلوبه قائم على انه يريد تعليم الناس بل على العكس من ذلك, كان يقدم الانطباع بأنه هو الذي يريد أن يتعلم من الشخص الذي يحاوره, انه لم يكن يلقي درساً كأستاذ عامي بل بالعكس كان يناقش تلاميذه وعامة الناس، وكان سقراط يؤكد أنه لا يعرف إلا شيئاً واحداً هو أنه لا يعرف شيئاً، وكان يقول : أن الرؤية الصحيحة وتؤدي إلى العمل السليم، وبعد إعدام سقراط بدأت مدارس الفلسفة بالظهور والتي سيتم التطرق لأهمها في الصفحات التالية.

● الفلسفات التربوية .
1- الفلسفة المثالية :
إن الفلسفة المثالية هي من اقدم الفلسفات التي وجدت على البسيطة، وتعود إلى مؤسسها افلاطون.

● اهم أعلام المثالية :
ديكارت : ويعتبر أول من انشأ منظومة فلسفية حقيقة ـ أي فلسفة تعيد النظر في كل شي ـ وكان يريد جمع أفكار واضحة لدراسة العلاقة بين النفس والجسد، كما برع أيضاً في مجال الرياضيات وكان يريد تطبيق طريقة رياضية للبرهان على حقيقة بعض الأفكار الفلسفية.
هيجل : تأثر هيجل بكل من افلاطون وفلسفة ديكارت وتحدث عن مصطلح روح العالم أو سبب العالم وقصد بها كل المظاهر ذات السمة الإنسانية، كما تأثر أيضاً بفلسفة هيراقليطس وبما يسمى بفلسفة الأضداد التي أخذها وأعاد بناءها بعده كارل ماركس وفريدريك انجلز، كانت وبستالوزي وفروبل.
كان اهتمام افلاطون منصباً على العقل وقد اهمل الحواس فقد اعتبر الحواس مضلله ولا توصل إلى المعرفة الصحيحة، كما كان يعتقد افلاطون انه توجد حقيقة وراء عالم الحس أو الحواس وهي التي سماها عالم الأفكار أو عالم المثل وهنا توجد النماذج الخالدة التي لا تتغير والتي هي الأصل في كافة الحوادث الموجودة في الطبيعة، ويؤلف هذا التصور ما يسمى عادة باسم نظرية المثل.
ويرى افلاطون أن كل ما نراه حولنا في الطبيعة يمكن أن يقارن بفقاعات صابون، فما من شيء موجود في عالم الحواس يمكن أن يبقى، كما يحسب افلاطون أن النفس كانت موجودة في عالم المثل قبل أن تسكن جسد الإنسان، وكان يحسب أن كل الحوادث الطبيعية ليست إلا الظلال، ظلال الأفكار ـ المثل ـ الخالدة، ويذكر افلاطون في احد أمثلته التي تدعو إلى الاعتماد على العقل دون الحواس هو ما معروف بـ الطريق للخروج من ظلمة الكهف.

● نشأة الفلسفة المثالية التربوية المعاصرة.
تنحدر الفلسفة المثالية من افلاطون وتمر عبر اللاهوت اليهودي ـ المسيحي وتتلون بتلونه، وهي تؤمن أن جوهر العالم هو العقل والأفكار، والموجودات الكبيرة والصغيرة، والأشكال وظلالها والعقل المطلق أو (عقل الإله) هو الذي يخلق الحقيقة والأفكار, وهو أساس المعرفة، لذلك يجب أن يركز التطبيق التربوي على تدريب العقل وتنمية الروح وأحكام الأفكار.

● ولقد تفرعت المثالية إلى فرعين طبقاً لاختلاف تصوراتها عن الإنسان :
• الفرع الأول : الذين يؤمنون بأن الإنسان جسم وعقل.
• الفرع الثاني الذين يؤمنون أن الإنسان جسم وعقل وروح. وانطلاقاً من التصور الأول يكون أسمى ما في الإنسان هو العقل، وانطلاقاً من التصور الثاني يكون أسمى ما في الإنسان هو الروح، ويكون عمل التربية حسب التصور الأول هو تدريب العقل، أما حسب التصور الثاني فهو تدريب الروح.

2- الفلسفة الواقعية :
وتعود هذه الفلسفة إلي مؤسسها ارسطو الذين كان واحداً من تلاميذ افلاطون، لكنه ثار عليه واكد على أهمية الحواس إلى جانب العقل كما قال ارسطو أن ما من فكرة هي فطرة وأن الأفكار الخالدة قابلة لأن تتبدل وتتغير وكان يعتمد ارسطو في دراسته على الحواس إلى جانب العقل، فلم يكتفي بالعقل كما فعل افلاطون.

● اهم أعلام الواقعية :
ابن سينا : الفيلسوف المسلم الذي برع في مجال الطب.
فرانسيس بيكون وجون لوك.

● نشأة الفلسفة الواقعية التربوية المعاصرة :
تعود المدرسة الواقعية إلى أيام ارسطو وتنحدر عبر توماس الاكويني وعدد من الفلاسفة الطبيعيين، أما في العصور الحديثة فتبدأ من مايكل دي مونته الفرنسي وريتشارد مولكاستر الإنكليزي وجون ملتون، ثم استمرت في أحضان الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وانتشرت حيث انتشرت.

● ولقد انقسمت الواقعية إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول : الواقعية المتدينة، وهي تؤمن أن المادة والعقل أو الروح موجودان، وهما مخلوقان مقدسان من خلق الإله وهما يعملان بانتظام.
أما الاتجاه الثاني : فهو لا يرى ضرورة للتدخل الإلهي في تفسير اصل الكون إنما يفصل بينهما فصلاً تاماً.
وأما الاتجاه الثالث : فهو يركز على الوجود المادي بعيداً عن العقل، والعقل لا دخل له بوجود المحسوسات.
تم تفرعت الفلسفة الواقعية وأصبحت مظلة انضوى تحتها فلسفات تربوية ومدارس فكرية عديدة اتفقت كلها على أن الوجود الحقيقي هو الواقع المادي ولكنها اختلفت في مصدر هذا الوجود.
والتربية عند هذه المدرسة يجب أن تهتم بكشف قوانين الطبيعة التي تحكم المادة والمخلوقات العضوية وعالم العقل واكتشاف التناسق بين مظاهر الوجود، والمنهاج هو ملاءمة بين الإنسانية والمواد العلمية، ويجب استعمال المواد العلمية وطرق المنطق والرياضيات، وممن مثل هذه المدارس المختلفة في العصر الحديث : براند رسل, والفرد نورت وايتهد.

3- الفلسفة البراجماتية :
تمتد جذور الفلسفة البراجماتية إلى الفيلسوف هيراقليطس الذي يعود له الفضل في ظهورها كما يعود له الفضل في ظهور ما يسمى بفلسفة الأضداد التي امتدت لتأخذ عنها الجدلية الماركسية، ومن المعروف أن هيراقليطس آمن بالتغير والتطور المستمر وركز على كيفية استخدام الطبيعة وتسخيرها لخدمة الإنسان، ومن الجدير ذكره في هذه اللحظة تلك الحادثة التي برهن فيها هيراقليطس على ضرورة تسخير كل ما في الطبيعة لخدمة الإنسان، وهي عندما قام بدراسة الطقس والتنبؤ به بعد أن كانت مدينته تمر بفترة انقطاع للأمطار، فقام باستئجار جميع معاصر الزيتون في تلك السنة فجمع ثروة نتيجة لقدرته على التنبؤ في حالة الطقس.

● أهم اعلام البراجماتية :
شارلس بيرسي : وهو أول من استخدم كلمة البراجماتية، وليم جيمس وجون ديوي.

● نشأة الفلسفة البراجماتية التربوية المعاصرة :
يرى مؤرخون التربية إلى أنها بدأت من شارلس بيرسي تم ازدهرت في القرن التاسع عشر على يد كل من وليم جيمس وجون ديوي، ولقد كانت اهم مصادر هذه المدرسة هي كتابات شارل داروين، وتقوم البراجماتية على العمل والممارسة، أما الأفكار فهي تابعة للعمل ونتيجة من نتائجها، ولذلك فأن الفكرة الصحيحة هي الفكرة التي يمكن قياسها وتطبيقها، والعقل ليس له موقع ولا وجود وإنما الموجود هو المخ وعملياته، وتوجد القيم بمقدار اثرها في حياة الإنسان فإن لم تؤثر اصبح لا وجود لها ولا فائدة لها ولذلك فالثقافة والفن والأخلاق هي أمور نسبة، والعالم في نظر البراجماتية هو المادة المتحركة والتطور المستمر الذي يعتري المادة والقيم والحقائق والزمان والمكان.
لذلك كان يجب على التربية أن تركز على الطريقة اكثر من المادة الدراسية وان تعلم المتعلم كيف يتعلم وكيف يفكر بطريقة علمية، وأن الإنسان عند البراجماتية يخلق عالمه من خلال إعادة تنظيم الخبرات المستمر ومن خلال التفاعل الاجتماعي البيولوجي مع البيئة، ولذلك يجب على المعلمين أن يدربوا التلاميذ على بناء خبراتهم وأن توفر للتلاميذ بيئة التعليم للتفاعل مع ما حولهم، وأن ما يجب التأكيد على الطريقة العلمية وأسلوب حل المشكلات، والمنهاج يدور حول رغبات التلميذ والمشكلات اكثر مما يدور حول مجموعة الحقائق الثابتة المسبقة، أما بالنسبة للفلسفات التقدمية والتجديدية فهما عبارة عن فلسفات نبعت من الفلسفة البراجماتية وسيتم التطرق لهما فيما بعد.

4- الفلسفة التربوية الإسلامية :
عن الحديث عن الفلسفة التربوية الإسلامية فلا يمكننا تناولها كما تم تناول الأنماط الأخرى من أنماط الفلسفة الأخرى، فالفلسفة الإسلامية هي نظام رباني متكامل وشامل يقوم في نظامة بالتركيز على الكون والإنسان والحياة وما بينهم من علاقة تفاعل والحياة في هذه الفلسفة ليست سوى معبر للحياة الأخرى بعد الوفاة.

أما بالنسبة لأعلام هذه الفلسفة فلا يمكن حصرهم وحصر إنجازاتهم فعلى سبيل المثال نرى إبداع كل من (ابن خلدون والفارابي وابن رشد وابن سينا) وإسهاماتهم في تقدم العلم في العالم فابن خلدون يعتبر اكبر مؤسسين علم الاجتماع وابن حيان أيضاً هو أول عالم يقود بتطبيق مبدأ التجريب بطريقة علمية ولا ننسى إسهامات ابن سينا وابن رشد في الطب حيث كانوا أوائل من أقاموا المستشفيات والمصحات، ويعتبر ابن سينا أول من قام بوضع تصنيفات للأمراض الجسمية والعقلية والنفسية، أما من هو المعلم الأكبر في هذه المدرسة فهو النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي طبق هذه الفلسفة كنظام حياة ونظام دولة.
ومن اهم ما يميز الفلسفة التربوية هو نظرتها للكون والإنسان والحياة وتلبيتها لجميع احتياجات الإنسان دون الاقتصار على الجانب العقلي أو الجسدي أو الروحي فقد شملت جميع جوانب الحياة بجميع مراحل نمو الإنسان من المهد وحتى الوفاة.
تنبثق فلسفلة التربية الإسلامية من عقيدة التوحيد الإسلامية، وهي تعمل على الوصول إلى غايتين أساسيتين هما : بقاء الإنسان ثم الارتقاء بهذا الإنسان إلى المستوى الذي يليق بمكانته بالوجود.

● ويتحقق للإنسان الخلود ثم الرقي حين تتشكل علاقاته بالخالق والكون والإنسان والحياة والأخرة كما يلي :
العلاقة بين الإنسان وبين الخالق هي : علاقة عبودية.
العلاقة بين الإنسان وبين الكون هي : علاقة تسخير.
العلاقة بين الإنسان وبين الإنسان : علاقة عدل وإحسان.
العلاقة بين الإنسان وبين الحياة هي : علاقة ابتلاء (أي الامتحان أو الاختبار).
العلاقة بين الإنسان وبين الأخرة هي : علاقة مسؤولية وجزاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ المراجع :
ماجد عرسان الكيلاني، فلسفة التربية الإسلامية، دبي : دار القلم، 2002.
محمد قطب، لا اله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة.
غوستان غاردير، عالم صوفي، ترجمة حافظ الجمالي، دمشق : دار طلاس، 1996.
عبدالكريم أبو خشانة، مدخل إلى الفلسفة 2002.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock