الصداقة الافتراضية.. هل هي حقيقية وتدوم؟

الصداقة الافتراضية.. هل هي حقيقية وتدوم؟ … في عصرِ التكنولوجيا المتقدِّمة، والعالمِ الافتراضي الذي نعيشُ فيه، أصبح عقدُ الصداقاتِ، ثم الحفاظُ عليها أكثر أهميَّةً من أي وقتٍ مضى، فاليوم صارت علاقاتُنا الاجتماعيَّة، خاصَّةً الصداقات، مثل أنبوبِ الأوكسجينِ للمرضى في المستشفيات، شريانُ حياةٍ. لكنْ هل يتطلَّب الأمرُ علاقاتٍ جيِّدةً ومتينةً وإن كانت قليلةً، أم أن عدداً كبيراً من الصداقاتِ السطحيَّة، سيفي بالغرض؟ في هذا الشأن، تقولُ الدكتورة كارلا كسرواني، الاختصاصيَّةُ في علم النفس «عندما يسألني عملائي عن ذلك، أميلُ إلى تقديمِ إجابةٍ متعدِّدة الطبقات».
الصداقات العميقة

تؤكِّدُ الدكتورة كارلا كسرواني، أن «الأبحاثَ العلميَّة، تشجِّع على عقدِ صداقاتٍ عميقةٍ، وعاليةِ الجودة، تُثري الروح، وتزوِّدنا بأكبر قدرٍ من الدعمِ العاطفي، والدفء، فهما عنصرَان أساسيَّان في الحفاظِ على حالةٍ عقليَّةٍ متوازنةٍ، تسهم في مواجهةِ عديدٍ من التحدِّيات النفسيَّة مثل الاكتئابِ، والقلق».
تقولُ، شارحةً أهميَّة الصداقةِ المتينة: «عكسَ الدولِ الغربيَّة، نحن محظوظون بشكلٍ خاصٍّ في هذا الجزءِ من العالم، فعلى الرغمِ من كلِّ الصعوباتِ التي نواجهها إلا أننا ما زلنا قادرين على الحفاظِ على شبكةٍ اجتماعيَّةٍ قويَّةٍ في حياتنا اليوميَّة. إن الاتِّصالَ بصديقٍ عزيزٍ، وعرضَ مشكلاتنا عليه له تأثيرٌ إيجابي كبيرٌ في حالتنا النفسيَّة والمزاجيَّة، تأثيرٌ يشبه مفعوله ما نشعرُ به عند تناولِ حبوبٍ مضادةٍ للاكتئاب، فالصداقةُ الحقيقيَّة، تزوِّدُ عقولنا بالدفءِ، والدعمِ، والحبِّ اللازم للبقاءِ على قيد الحياة. إنهم يملؤون حياتنا بالمعنى، ويضعوننا فيما هو مهمٌّ». وتستدرك: «لسوء الحظ، الحياةُ الافتراضيَّة التي نعيشها اليوم، جعلت من الصعبِ علينا تكوينَ صداقاتٍ، أو حتى الحفاظَ عليها».
وحول أفضلِ الأماكنِ للقاء أشخاصٍ جددٍ وذوي اهتماماتٍ مشتركةٍ، تجيبُ الدكتورة كارلا: «لفعل ذلك، يمكن زيارةُ صالةِ الألعابِ الرياضيَّة المحليَّة، أو حضورُ دروسِ نشاطٍ ما، أو ممارسةُ هوايةٍ معيَّنةٍ في مكانٍ عامٍّ، أو الوجودُ في التجمُّعات المجتمعيَّة، لكنْ، الأهمُّ من عقدِ صداقاتٍ جديدةٍ، تعلُّمُ كيفيَّة الحفاظِ على العلاقاتِ المحتملة، وتطويرها إلى صداقاتٍ قويَّةٍ، وهنا تبرزُ نقطتان رئيستان، الأولى معرفةُ احتياجاتك.
إذ سيُساعدك ذلك في تحديدِ الصداقاتِ الجديرةِ بالاهتمام، فهذا الشخصُ، يمكن أن يكون قادراً على الاستماعِ إليك، والتعاطفِ معك، أو متاحاً في وقتٍ قصيرٍ، أو على مقربةٍ منك، أو يشاركك فقط شغفاً مماثلاً، والثانية معرفةُ احتياجاتِ الآخرين على اختلافها فحتى الصداقاتُ الحقيقيَّة، تتطلَّب قدراً معيَّناً من الاستثمارِ من الطرفين للحفاظِ عليها. إنها لا تحدثُ بسهولةٍ، لذا يجب أن نهدفَ دائماً إلى الحفاظِ على التوازنِ الذي تعلِّمنا إياه الطبيعةُ الأم، ذاك التوازنُ المثالي بين الأخذِ والعطاء. نحن ببساطةٍ لا نستطيع أن نُخرِجَ نفساً دون أن نأخذَ آخرَ. هذه هي دورةُ الحياة، وعليه يجب البحثُ عن تعزيزِ تلك الاتِّصالات التي تزوِّدك بالقدرِ الذي ترغبُ في بذله من جهدٍ ووقتٍ ودعمٍ».
الصداقة الافتراضية
.