التصميم التعليمي للتعلم المدمج
يُعتبر التعلم المدمج Blended Learning (B.L) نمطَ تعلم حديث يُدمج فيه أكثرُ من أسلوب تعليمي؛ لتوصيل المعلومات في نمط تقديم واحد، بقصد رفع جودة العملية التعليمية، وتحسين المخرجات التعليمية، والتركيز على دور المتعلم النشط، ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، وتوفير مستوى أعلى من الاستقلالية للمتعلمين. كما أن هذا النمط يركّز على الجمْع بين مزايا التعليم الإلكتروني والتعليم التقليدي، والاستفادة القصوى من التطبيقات التكنولوجية، والمرونة في إتاحة المحتوى للمتعلمين في أي وقت، ومن أي مكان؛ لنقلِ المعارفِ والمهارات في الوقت المناسب لهم.
ويمكن تحديد أهم ما تضمنه هذا المفهوم فيما يلي:
- يقوم التعلم المدمج على فكرة الدمج بين التعلم الصفي التقليدي والتعليم الإلكتروني.
- يستفيد التعلم المدمج من مميزات كل من التعلم التقليدي والتعلم الإلكتروني، ويتغلب على سلبياتهما.
- تتعدد التطبيقات والأدوات التقنية التي يمكن للمعلم من خلالها توظيف التعلم المدمج.
- يمكن توظيف التعلم المدمج داخل القاعة الدراسية وخارجها.
- يراعي التعلمُ المدمجُ خصائصَ المتعلمين، واحتياجاتهم، والأهداف التعليمية المراد تحقيقها، وطبيعة المحتوى.
وقد اختلف الباحث;ن في تحديد ماهية التعلم المدمج؛ ولكنهم اتفقوا جميعًا على مبدأ واحد، وهو الدمج بين تطبيقات وأدوات التقنية الحديثة والواقع التعليمي المعتاد. وتتفق دراسة إيمان الشريف (2020) مع وجهات النظر التي ترى أن التعلم المدمج نمط أو نوعٌ من أنواع التعلم. وتُعرفه بأنه “نمط تعلم يقدم بيئة تعليمية تعلمية تفاعلية، يُدمَج من خلالها التعليم الصفي التقليدي بالتعليم الإلكتروني، وذلك باستخدام مجموعة من التطبيقات والأدوات التكنولوجية”.
والشكل التالي يوضح مفهوم التعلم المدمج ومسمياته المتعددة:
وعرفت سامرند حسين وأفراح الدباغ (2018) التصميم التعليمي للتعلم المدمج بأنه “العلم الذي يبحث في الوصول إلى أفضل الطرق التعليمية، وتطويرها، وعرضها، ووضع خطة لاستخدام عناصر بيئة المتعلم، والعلاقات فيها، بحيث تدفعه للاستجابة في مواقف معينة، وتحت ظروف معينة؛ من أجل إِكْسابه خبراتٍ محددةً، وإحداث تغييرات في سلوكه، أو أدائه؛ لتحقيق الأهداف التعليمية المقصودة عن طريق التعلم المدمج”.
ويشير السعيد (2017) إلى أن نجاح التعلم المدمج لا يُقاس بكثرة عدد أساليب التدريس المستخدَمة، وإنما بالاعتماد على نموذج لتصميم التعليم يختص ببيئة التعلم المدمج، وذلك من خلال إحاطة عناصر بيئة التعلم التقليدي بعناصر وأدوات بيئة التعلم الإلكتروني.
وانطلاقًا مما سبق؛ تم الاطلاع على أبرز النماذج التي تناولت التعلم الإلكتروني، والتعلم المدمج، ونموذج التصميم العام للتعليم ADDIE، ومن ثم تحليلها، وترتيبها وفق التسلسل الزمني من الأحدث إلى الأقدم على النحو التالي:
- نموذج إيمان الشريف (2020)؛ التصميم التعليمي لاستخدام الإنفوجرافيك الثابت في بيئة تعلم مدمج لتنمية مفاهيم المواطنة الرقمية ومهارات التفكير البصري والاتجاه نحوه: ويتكون من خمس مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة الإنتاج، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التقويم)، كما يوضح الشكل التالي:
- نموذج أمل الموزان (2020)؛ التصميم التعليمي لبيئة التعلم الإلكتروني التشاركية ECLE: ويتكون من ست مراحل: (مرحلة التحليل ودراسة الواقع الحالي، مرحلة التفكير واختيار أفضل الحلول المقترحة، مرحلة التصميم، مرحلة البرمجة والنشر، مرحلة التطبيق، ومرحلة التقويم).
- نموذج سامرند حسين وأفراح الدباغ (2018)؛ التصميم التعليمي القائم على التعلم المدمج: ويتكون من أربع مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التخطيط والإعداد، مرحلة الاستخدام والتجريب، ومرحلة التقويم).
- نموذج عائده السلمان (2018)؛ نموذج الإستراتيجية القائمة على التعلم المدمج: ويتكون من خمس مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة التطوير، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التقويم).
- نموذج عطية وآخرون (2017)؛ نموذج التعلم المدمج لتنمية التحصيل والوعي بمشكلات المناهج التعليمية: ويتكون من ست مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة الإنتاج، مرحلة التجريب، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التقويم).
- نموذج القحطاني والبيشي (2017)؛ التصميم التعليمي للمقررات الإلكترونية في بيئة التعلم المدمج: ويتكون من ثماني مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة قياس مدى الملاءمة للتعلم المدمج، مرحلة التصميم، مرحلة الإنتاج، مرحلة التنفيذ، مرحلة قياس قابلية التطبيق، مرحلة التقويم، ومرحلة التحزيم والأرشفة).
- نموذج آمال حميد (2016)؛ تصميم بيئة الفصول المدمجة بناء على نموذج ADDIE: ويتكون من خمس مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة التطوير والإنتاج، مرحلة التطبيق، ومرحلة التقويم).
- نموذج صوافطة (2016)؛ التصميم التعليمي لإستراتيجية التعلم المدمج: الذي وَضع فيه تصورًا لدمجِ وتداخلِ ثلاثة أجزاء: التعلم الصفي (استخدام المدرس للمحاضرة والشرح داخل غرفة الصف)، واستخدام البرمجية (عرض المدرس للمحتوى داخل الصف باستخدام البرمجية، ودراسة المتعلم للمحتوى ذاتيًا خارج الصف باستخدام البرمجية)، والتعلم الإلكتروني (دراسة الطلبة للمحتوى عن بُعد من خلال نظام إدارة التعلم الإلكتروني Blackboard بشكل متزامن وغير متزامن).
- نموذج هاك (2016) Hack؛ التصميم التعليمي للتعليم العالي المدمج: ويتكون من عشر مراحل صُنفت ضمن أربعة مستويات: المستوى الأول (تقييم الاحتياجات، تحليل المتعلمين، الأهداف العامة، وتحليل المصادر)، والمستوى الثاني (تطوير الأهداف، الدمج والتسلسل، وتصميم أنشطة التعلم)، والمستوى الثالث (تطوير إستراتيجيات التقييم، والتسليم والحصول على التغذية الراجعة)، والمستوى الرابع (التحليل والمراجعة).
- نموذج الدسوقي (2014)؛ تصميم التعليم والتعلم المدمج: ويتكون من ثماني مراحل: (مرحلة التقييم المدخلي، مرحلة التهيئة، مرحلة التحليل، مرحلة التصنيف، مرحلة التصميم، مرحلة الإنتاج، مرحلة التقويم، ومرحلة التطبيق).
- نموذج الفقي (2011)؛ تصميم التعلم المدمج: ويتكون من خمس مراحل: (مرحلة التخطيط، مرحلة التصميم، مرحلة الإنتاج، مرحلة التطبيق، ومرحلة التقويم).
- نموذج الخان (2009)Khan ؛ النموذج الثماني الأبعاد لتخطيط التعلم المدمج: ويتكون من ثمانية أبعاد: (البُعد التربوي، البعد التقني، بعد تصميم الواجهة، بعد التقييم، بعد الإدارة، بعد دعم المصادر، البعد الأخلاقي، البعد المؤسسي).
- نموذج بيشيانو (2009) Picciano؛ النموذج المتعدد للتعليم المدمج: الذي وضع فيه تصورًا للدمج ما بين التعلم وجهًا لوجه في الفصول الدراسية التقليدية، واستخدام الحدّ الأدنى من التقنيات، مرورًا بالتعلم الإلكتروني المباشر، ووصولًا إلى التعلم الإلكتروني الكامل عبر الإنترنت.
- نموذج رشا هداية (2008)؛ تصميم برنامج قائم على التعليم المدمج لإكساب مهارات صيانة الأجهزة التعليمية لدى طلاب كلية التربية: ويتكون من خمس مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة التطوير، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التقويم).
- نموذج البيطار (2005)؛ تصميم التعلم المدمج: ويتكون من خمس مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة التطوير، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التقويم).
- نموذج هوانغ وزو (2005) Huang and Zhou؛ تصميم التعلم المدمج: ويتكون من ثلاث مراحل: (مرحلة التحليل القبلي، مرحلة التصميم العام للتعلم المدمج، ومرحلة التقويم التعليمي).
- نموذج (2003) D.P Office for Domestic Preparedness؛ تصميم التعلم المدمج: والمنبثق من نموذج ADDIE للتصميم التعليمي العام، والمكون من خمس مراحل: (مرحلة التحليل، مرحلة التصميم، مرحلة التطوير، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التقويم).
ومن خلال استعراض النماذج السابقة، والاطلاع عليها؛ يتضح أن معظم هذه النماذج ارتكزت في منهجيتها على نموذج التصميم العام للتعليم ADDIE، كما أنها تناولت المراحل الأساسية للتصميم التعليمي مع اختلاف بعض المسميات، ويكمن الاختلاف فيما بينها في التوسع بين مرحلة وأخرى، أو إضافة بعض المراحل الثانوية وفق الهدف الرئيس من نموذج التصميم، أو ما تقتضيه أهداف وإجراءات الدراسة.
ومن ناحية أخرى، أشار العقاب (2018) إلى أن هنالك مجموعة من المبادئ الواجب اتباعُها في تصميم التعلم المدمج، التي تؤدي إلى تصميم فعال، وممارسة أفضل؛ وهي كالتالي:
- أن يركز التصميم على تحقيق أهداف التعليم، وتلبية متطلبات مخرجات التعلم.
- أن يلبي التصميم حاجات المتعلمين، وأن يصل أوسع شريحة من المتعلمين.
- أن يراعي التصميم تفضيلات المتعلمين، وطريقة استخدامهم للتطبيقات الإلكترونية المتنوعة.
- أن يراعي التصميم خصائص وطبيعة المقررات الدراسية، ويلبي احتياجها حسب نوعية هذه المقررات.
- أن يحتوي التصميم على خيارات وبدائل تتناسب مع خصائص المتعلمين، وطرق تعلمهم.
- أن يراعي التصميمُ الجوانبَ التفاعلية، والمشاركة، والعلاقات الاجتماعية بين المتعلمين.
- أن يكون التصميم قابلًا للتقويم والتطوير المستمر.