موضوع عن العمالة الاجنبية
منذ القِدم وجميع المجتمعات تعتمد في تنمية اقتصادها على الموارد المحلية سواء كانت أيدي عاملة أو الأدوات المستخدمة في الإنتاج، ولكن بمرور السنين ومع تطور المجتمعات وزيادة مجالات العمل بشكل كبير، أصبح هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الأيدي العاملة، لذلك لجأت بعض الدول إلى استقدام عمالة أجنبية حتى تكون عاملًا مساعدًا لها في الإنتاج.
تعريف العمالة الأجنبية
- يمكن تعريف العمالة الأجنبية بأنها الاستعانة بأيدي عاملة من الخارج بخلاف المواطنين الأصليين للبلد، حيث يتم استقدام تلك العمالة سواء من داخل نفس قارة البلد أو من قارة أخرى.
- ويكون العُمال الوافدين مؤهلين من أجل شغل وظائف محددة أتوا إليها من بلادهم.
- والعمالة الأجنبية هي إحدى ظواهر الهجرة سواء كانت بشكل مؤقت أو دائم، حيث ينوي العامل أن يستقر في بلد آخر غير بلده الأصلي وذلك من أجل العمل بها والالتحاق بوظيفة لم يتمكن من الالتحاق بها في بلده.
- وتُعد المملكة العربية السعودية من أكثر الدول التي تستقدم عمالة أجنبية نظرًا لتعدد مجالات العمل بها.
العمالة الوافدة في السعودية
- منذ أن اكتشفت المملكة العربية السعودية احتوائها على ثروات هائلة من النفط وذلك في أواخر الثلاثينات، زادت الحاجة إلى العمال الوافدين من العرب والأجانب لشغل المهن الإدارية والفنية.
- وبزيادة المشاريع التنموية التي يقيمها القطاعين العام والخاص بالمملكة، أقدمت السعودية على استقبال المزيد من العمالة للعمل في تلك المشروعات.
- ولقد استعانت المملكة العربية السعودية بالعمال الوافدين خاصة من الدول الإفريقية والآسيوية، ولذلك أصبحت من أهم أسواق العمل للوافدين من مختلف الجنسيات، نظرًا لسهولة إجراءات الاستقدام وتوفيرها البيئة الملائمة للعمل والأمان للعامل من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
- بعد ازدياد عدد العمالة الأجنبية بالمملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة ظهر الكثير من المؤيدين والمعارضين لاستقدام تلك العمالة، وأصبح من ضمن الموضوعات الأكثر جدلاً وانتشاراً.
- وذلك بسبب كثرة الاستحواذ على عدد هائل من الوظائف وفي كافة المجالات. كما أن تلك العمالة تحتاج إلى مسكن فبالتالي أصبح هناك مناطق عديدة يسكنها الوافدين الخارجيين، وهذا الأمر الذي جعل هناك أزمة سكنية للمواطنين السعوديين.
- ولكن على الجانب الآخر كان لها إيجابيات ألا وهي إشغال بعض الوظائف التي يرفض الشعب الأصلي العمل فيها، مما أدى إلى سد الكثير من الاحتياجات في تلك الوظائف.
- ومن الوظائف التي شغلتها العمالة الأجنبية في السعودية بنسبة كبيرة هي العمل في البناء والتشييد، وفي المطاعم وخدمات المجتمع، العمل في الصيد والزراعة والنقل والمواصلات وغيرها من المجالات.
أسباب ازدياد العمالة الأجنبية
- عدم وجود الكفاءات السعودية اللازمة من أجل شغل المناصب العالية والمهن الحرفية، وذلك بسبب نظام التعليم في السعودية والذي كان يركز على تعليم الدين فقط دون الاهتمام بتهيئة المواطنين وصقل مهاراتهم لشغل تلك المناصب، مما أدى ذلك إلى استعانة الدولة بذوي الخبرة والمهارة من الخارج.
- زيادة التبادل التجاري بين المملكة والدول الأخرى وبالتالي زيادة حاجتها إلى المزيد من الأيدي العاملة.
- قلة العمالة المحلية أمام التطور الاقتصادي الذي شهدته المملكة في السنوات الأخيرة أدت لفتح الباب أمام العمالة الأجنبية للالتحاق بالعمل في المصانع والمؤسسات.
- حدوث العديد من المشاكل الأمنية والحروب والصراعات في أكثر من بلد سواء عربي أو أجنبي، وبالتالي أدى ذلك إلى هروب مواطنيها الأصليين لبلاد أكثر أمناً، وازدادت في الفترة الأخيرة نتيجة الحروب والثورات القائمة في أكثر من بلد.
- امتناع بعض أبناء السعودية الأصليين عن إشغال بعض الوظائف المتوسطة أو البسيطة وذلك بهدف التفاخر والترفّع والكبرياء، وبالتالي حدث عجز كبير في تلك المجالات، الأمر الذي جعل الحكومة تفتح الباب لاستقبال للوافدين .
- توسع البلاد ووعيها الثقافي والديني. وقدرتها على استيعاب كافة الوافدين الأجانب، وبالتالي يصل شعور الراحة والاطمئنان للعمالة وكأنهم في أحضان بلادهم.
- صرف رواتب ومكافآت مجزية، وتوفير وسائل النقل والسكن من قبل كثير من المؤسسات. وبالتالي توفر المملكة أسلوب حياة منظم ومريح لجميع العاملين فيها من الخارج. وهذا ما يؤدي لتحسين ظروف الحياة لدى العامل وهذا يدفعه إلى الاستمرار فيه.
- نرى أن المجال في الخارج أكبر وأسهل بالنسبة للعامل. وبالتالي قادر على تحقيق كافة أهدافه التي يسعى إليها. فالهجرة تُزيل له كافة العوائق والصراعات التي يواجهها في موطنه الأصلي.
الأجانب في السعودية 2021
- في الإحصائيات الأخيرة التي أصدرتها هيئة الإحصاء في المملكة العربية السعودية عام 2019، تبين أن عدد السكان الأصليين للمملكة يبلغ 23 مليون نسمة أي بنسبة 61.8%.
- ولقد توقعت الهيئة أنه بحلول عام 2020 قد يصل عدد السكان الأصليين بالمملكة إلى 37 مليون نسمة، ويصل إلى 50 مليون نسمة بحلول عام 2030.
- أما عن عدد الأجانب داخل المملكة العربية السعودية فلقد أوضحت هيئة الإحصاء أن إجمالي عدد الأجانب بالسعودية في عام 2019 بلغ 13 مليون نسمة أي بنسبة 38.2% وهم من الوافدين والعاملين والمقيمين والسياح.
- كما بينت تلك الإحصائيات استحواذ تلك العمالة الأجنبية على 42% من الوظائف بالمملكة، وبأن التحويلات المالية التي تأتي من السعودية إلى بلاد تلك العمالة تصل إلى إلى 26.6 مليار دولار أمريكي.
- ونظرًا لاتخاذ المملكة بعض الإجراءات للحد من العمالة الوافدة، فمن المتوقع أن يتأثر عدد تلك العمالة بالمملكة خلال السنوات القليلة المُقبلة، وذلك طبقًا لبعض الهيئات الإحصائية السعودية.
الآثار المترتبة على ازدياد العمالة الأجنبية
- زيادة التحميل على الحكومة، حيث أن عدد الشعب الأصلي تزايد عليه ما يعادل 9 مليون نسمة. فبالتالي يؤدي لقلة الموارد وتفاقم العبء على مرافق الدولة وخدماتها في شتى المجالات من مدارس، مستشفيات، مسكن، شبكة الطرق والمواصلات وغيرهم.
- عدم شغل الوظائف والمهن الحرفية من قِبل العمالة المحلية.
- استحواذ العمالة الأجنبية على أغلب مجالات العمل بالمملكة بما فيها المهن النسائية، مما أدى ذلك لزيادة البطالة بين المواطنين السعوديين.
- كثرة استهلاك مواد الدولة المالية بهدف توفير سبل الراحة للعمالة الخارجية، وعدم شعورهم بالضيق، أو التفرقة بينهم وبين الشعب الأصلي.
- عند استقدام عمالة أجنبية من دول أوروبية، يصبح هناك تهديد واضح للغة العربية نتيجة تأثرها باللغات المختلفة الأُخرى.
- أيضاً بالنسبة للمعتقدات الدينية، فقد يهتز البعض بما يسمعه ويراه من آراء أُخرى للدينات المختلفة. فبالتالي تعتبر خطراً على الثقافة الدينية.
- قيام بعض العمال الأجانب بأعمال غير قانونية وغير شريقة ومخالفة للأعراف والتقاليد داخل المملكة نتيجة لجهلهم بها.
- محاولة تقليد الشعب لبعض الوافدين في عاداتهم وتقاليدهم على الرغم من عدم توافقها مع الظروف البيئية لهم.
- امتزاج الأنساب من خلال زواج السعودي من نساء الوافدين، وقد يسبب هذا بعض الآثار السلبية على الأطفال بعد ذلك، ومن أكثرها انتشاراً هو ضياع هويتهم الثقافية.
- ظهور بعض عمليات النصب من قِبل بعض الأشخاص الذين قاموا بالمتاجرة في التأشيرات، وتستر البعض عليهم.
أهمية العمالة الأجنبية
- وعلى الرغم من ذلك إلا أنه من فوائد العمالة الأجنبية داخل المملكة توفير الكثير من النفقات، فرواتب العمالة الأجنبية أقل من رواتب العمالة المحلية وفي نفس الوقت هناك زيادة كبيرة في الإنتاج.
- استفادت العديد من الشركات السعودية من الخبرات التي نقلتها لها العمالة الأجنبية فيما يخص خطط التسويق الموضوعة في بلدانهم الأصلية والتي طبقتها الشركات السعودية في الأسواق.
- تم سد الاحتياجات إلى الأيدي العاملة للمشاركة في مختلف المشروعات التي تقوم بها الدولة خاصة خلال السنوات الأخيرة.
- ساعدت تلك العمالة على زيادة التقارب بين الشعوب، فالعمال الأجانب هم سفراء لبلادهم بالمملكة ينقلون إليها أفكارهم ومبادئهم.
- هناك الكثير من العمال الأجانب ممن اعتنقوا الدين الإسلامي بعد التحاقهم بالعمل داخل المملكة، مما ساعد على نشر الصورة الصحيحة للدين الإسلامي خاصة للمسلمين الذين يعيشون في دول لا تنتهج الإسلام.
الإجراءات المتخذة للحد من العمالة الأجنبية
دفعت الآثار السلبية التي نتجت عن العمالة الأجنبية إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي تحد من تفاقم هذه الأزمة. وكان هذا بهدف تنظيم سوق العمل، وتقسيم المواد البشرية على المواطنين بالتساوي في البداية ثم النظر إلى العمالة الخارجية، القضاء على المتاجرة بالتأشيرات لذلك فرضوا:
نظام السعودة
أصدرت المملكة بعض القوانين التي تُلزم مواطنيها فقط بضرورة إشغال تلك الوظائف وهو ما يعرف بنظام السعودة : وهي محلات ملابس الأطفال وغيرها، محلات بيع المستلزمات الرجالي، أماكن بيع السيارات والدراجات النارية، مولات بيع الأثاث، والأواني المنزلية والحلويات.
حيث حاولت الحكومة السعودية منذ وقت كبير على تطبيق هذا النظام، ولكن نلاحظ في الفترة الأخيرة أنها تطبقه بطريقة صارمة. كما أنهم فرضوا الكثير من الغرامات التي تصل إلى ما يعادل عشرون ألف ريالاً على كل من يُشغل تلك الوظائف من غير السعوديين.
المقابل المالي
وهو عبارة عن فرض بعض الرسوم المالية على العاملين في القطاع الخاص تُدفع بصورة شهرية. وهي تتراوح بين 100 ريال وتصل إلى 400. وهناك بعض الأخبار التي تفيد بأنه في القطاعات التي يكثر فيها العمالة الأجنبية عن المواطنين الأصليين ستصل الرسوم إلى ما يعادل 600 ريال سعودي.
كما تقرر إعفاء المنشآت والمؤسسات التي يكون نصف عدد العمال لديها من السعوديين من سداد المقابل المالي، ولقد أدى ذلك إلى اعتماد الكثير من المؤسسات على العمالة المحلية والحد من الاعتماد على العمالة الوافدة.
التدريب المهني
حيث لجأت المؤسسات التعليمية داخل المملكة العربية السعودية إلى التركيز على تدريب الشباب السعودي على التعليم المهني، حتى يصبحوا مؤهلين لعمل كافة المهن التي يتقنها العمال الأجانب، وبالتالي يصبح لدى المملكة اكتفاء ذاتي من العمالة المحلية.