مهارات معلم المستقبل
يُعد المعلم الركن الرئيس من أركان العملية التعليمية، بل هو حجر الأساس فيها ومحورها الأساسي والعنصر الفاعل في أية عملية تربوية، وأي تجديد أو تطوير للعملية التعليمة لا يكون إلا من خلاله، فجودة التدريب بجودة المعلم.
وفي عصر الثورة المعرفية لم يعد المعلم هو مصدر المعرفة الوحيد، حيث تعددت المعارف وتنوعت طرق الوصول إليها، وأصبح دور المعلم وسيطاً ومسهلاً بين الطلبة ومصادر المعرفة، كما وقد وأصبح موجهاً ومرشداً للطلبة أكثر من كونه ملقناً لهم ومصدراً وحيداً للمعرفة.
لذلك تذكر أيها المعلم أنك محور العمل التجديدي، إذ تركز المنظومة التربوية على دورك بشكل متزايد؛ نظراً لأدوارك الوظيفية المتعددة والتي تتحول من خلالها إلى مرشد لمصادر المعرفة والتعلّم، ومنسق لعمليات التعلّم، ومصحح لأخطاء التعلّم، ومقوّم لنتائج التعلم، وموجه إلى ما يناسب قدرات كل متعلم وميوله.
وينبغي إعداد المعلم وتدريبه في إطار التغيّر الجذري الذي يجب أن يتم في بنية التعليم ومناهجه وطرائقه، وفي أهدافه الأساسية، ولا سيما في ما يتصل بتمرس المعلم بأساليب التعلّم الذاتي، وبالتعليم عن طريق فريق المعلمين، وبأساليب التعاون مع الآباء والمجتمع المحلي، وتدريبه على الوسائل الجديدة في تقويم الطلاب، وعلى التوجيه التربوي وأن يقوم بربط التعليم الأساسي بحاجات المجتمع وبمواقع العمل، وهذا يستلزم معلماً من طراز جديد، وإعداداً ملائماً للأهداف المحدثة، وتدريباً مستمراً له على المستجدات التربوية وتطوراتها.
فنجاح المؤسسة التربوية في عصر التطور التكنولوجي والمعلوماتي المتسم بانفجار المعرفة ومصادرها المتعددة ووسائل اكتسابها، يتوقف على قدرتها في إحداث نقلة في إعداد المعلم وإعادة تأهيله حتى يتمكن من التعامل مع التكنولوجيا الحديثة دون رهبة أو خوف أو توجس.
وعليه، فقد أصبح من مهام المعلم الأساسية تدريب التلاميذ على طرق الحصول على المعرفة لا تلقينهم إياها وذلك بالاعتماد على قدراتهم الذاتية، والاستفادة من الوسائل والتقنيات المتعددة، إذ إن المعلم الجيد هو الذي يعمل على تنمية قدرات التلاميذ ومهاراتهم عن طريق تنظيم العملية التعلمية التعليمية وضبط مسارها التفاعلي ومعرفة حاجات التلاميذ وقدراتهم واتجاهاتهم وطرائق تفكيرهم وتعلمهم، إذ إنه مرشدهم إلى مصادر المعرفة وطرق التعلم الذاتي، التي تمكنهم من متابعة تعلمهم وتجديد معارفهم باستمرار.
والتقدم التكنولوجي يتطلب إعداداً خاصاً للمعلم، ينمي لديه نزعة التعلّم ذاتياً، بالإضافة لحاجته إلى تطوير مهاراته وقدراته ومعارفه، وإلمامه إلماماً جيداً بكافة التقنيات الحديثة ومناهج التدريس وأسس المعرفة النظرية، ومهارات إدارة الصف؛ نظراً لتغيّر دوره من كونه مجرد ناقل للمعرفة إلى كونه شريكاً وموجهاً يقدم لطلبته يد العون لإرشادهم إلى مصدر المعلومات، أي إن مهمة المعلم أصبحت تشترك بين مهام المربي والقائد والمدير والناقد والمستشار.
فقد أصبح المعلم مصمماً للبرامج التربوية ومخططاً وموجهاً للسلوك، وضابطاً لبيئة التعلم، وخبيرًا في الاستخدام الأمثل للوسائل التعليمية، وعالمًا بمصادرها، ومقوماً للمخرجات التعليمية، ولا بد من تمكين المعلم من التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة وتسخيرها لخدمة العملية التربوية.
كما وتتيح الشبكات الحاسوبية وتكنولوجيا المعلومات فرصاً عدة لتأهيل المعلمين بما توفره من مناهج مبرمجة، ومراكز تدريب خيالية، ونظم لتأليف المناهج، علاوة على تبادل الخبرات مع أقرانهم داخلياً وخارجياً عبر حلقات النقاش والحوار الإلكتروني المباشر، وجماعات الاهتمام المشترك التي تزخر بها هذه الشبكات.
وبالنظر إلى معلم المستقبل من حيث خصائصه ومهاراته وكفاياته يتبين لنا ضرورة إجراء تغييرات جوهرية في إعداده وتكوينه؛ ليتمكن من مواجهة التغيرات المتسارعة في إنتاج المعرفة غير المسبوقة في مجالي المعلومات والاتصالات.
وحتى تكون التغييرات في دور معلم المستقبل مجدية وفعالة، فلا بد للأنظمة التربوية أن تجري تغييراً في فلسفتها التربوية حتى توفر للمعلم بيئة مناسبة للقيام بأدواره المأمولة منه فيقدم لطلبته يد العون لإرشادهم إلى مصادر المعرفة والمعلومات، وفرص التعلم المتعددة المتاحة عبر الإنترنت. إضافة إلى ما سبق، سيزيد تركيز المعلم المستقبلي على أساليب التعليم الحديثة أكثر من تركيزه على المعرفة بحد ذاتها، وعليه أصبحت مهمة المعلم مزيجاً من مهام المربي والقائد والباحث والناقد والمستشار الناصح.
وخلاصة القول فإن التطورات والتغيرات الطارئة على معلم المستقبل لا بد أن تلزمه بتنمية المهارات الذهنية لطلبته كالاستنتاج والاستنباط والاستقراء والتحليل والتركيب علاوة على مهارات التواصل وتشجيع طلبته على المبادرة والتفكير بشتى أنواعه والعمل التعاوني والتعلم الذاتي وأساليب التحاور وآدابه وأن يكون لبنة تبني المجتمع لتجعل منه مزدهرًا وراقيًا.