مقالات

مقدمة عن علم النفس وفروعه واهدافه

يعد علم النفس من أكثر العلوم الاجتماعية القديمة والحديثة، حيث كانت أوائل ظهوره ضمن العلوم الفلسفية، فقد كان الإنسان القدم يسعى إلى تعلم الظواهر البشريّة والروح الإنسانية، وتلبية لهذه المعرفة الإنسانية سعى الفلاسفة لوضع عدد من التصورات تجاه الوجود الإنساني والتعلم والعقل، وظهرت من هذه التصورات العديد من النظريات الفلسفيّة الذاتية كنظرية المعرفة، ونظرية الوجود، والقيم، وفلسفة العقل وغيرها.

أما حديثاً ومع التطور المعرفي الذي توسع بشكل كبير في العلوم المختلفة بشكل عام وعلم النفس بشكل خاص فقد ظهرت الحاجة لأن ينفرد علم النفس بقيمته المعرفية والتجريبية المستقلة، وقد استقل علم النفس عن العلوم الفلسفيّة بشكل مكامل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد العالم الألماني فونت والذي كان أول من قام بتأسيس مختبراً سيكلوجياً يعمل على خدم الأبحاث النفسيّة.

نشأة علم النفس وتطوّره

  • يُعتبر علم النفس من العلوم المعروفة ، حيث وُجد بوجود البشرية، وكان في الزمن القديم يندرج ضمن العلوم الفلسفية، فظهر أثناء المحاولات العديدة للتفسيرات الفلسفية لمعاني الروح والنفس البشرية، والتي كانت لديها هدف في فهم ومعرفة الأسباب الكثيرة التي تقع وراء التصرفات العديدة للكائنات الحية، وترجع بدايات أصول علم النفس إلى الفيلسوف الإغريقي أرسطو.
  • حيث أثبت العديد من الآراء والاعتقادات والنظريات المتنوعة تجاه النفس والروح وعلاقتهما بالجسد المادي، وبشكلٍ عامٍ فإن علم النفس قد مر بالعديد من العصور التاريخية والزمنية، كالحقبة الإسلامية، وحقبة النهضة الأوروبية نهايةً بالعصر الحديث، ومنها إلى استقلال تلم النفس عن الفلسفة والتي أدت إلى صقل العلوم النفسية والفلسفية لتبدي بمظهرها العلمي العصري.

 

تعريف علم النفس وأبحاثه

  • ظهرت العديد من التعريفات الخاصة بعلم النفس وتحدث كل منها عن عامل من العوامل الإنسانية، فمثلاً تم تعريف علم النفس على أنّه العلم الذي يهتم بدراسة الحالة السوية وغير السوية للعمليات والوظائف العقلية، كالتذكر والفهم والإدراك، ومن الممكن أن يعرف أيضاً بأنّه العلم الذي يقوم على دراسة الحياة العقليّة والنفسيّة للإنسان.
  • وكان الإجماع الأكبر للعلماء على التعريف الصحيح والشامل لعلم النفس بأنّه العلم الذي يهتم بدراسة السلوك العام للكائن الحي بجميع أشكاله الخارجية الحركية والداخلية العقلية والنفسية، ومن أهم المحاور التي يعمل على البحث بها، السلوكيات كلها التي تصدر عن الإنسان والأنشطة الداخلية والعقلية كعمليات التفكير، فضلا عن الجانب الشعوري والمؤثرات الانفعالية كالإحساس والحزن والفرح والسعادة والخوف وغيرها.

 

فروع علم النفس

تنقسم فروع علم النفس إلى قسمين هما كالآتي:

فروع علم النفس النظرية

  • وهي العلوم التي تكون مًلم بالتبحر في المعرفة النفسية في جميع ميادين الحياة كل على نوع، بحيث يتم الإحاطة بكافة النظريات النفسية التي تكون لها علاقة بميدان محدد، وإمكانية تفسير ظواهر السلوك الإنساني في جميع المراحل المختلفة، ومن هذه الفروع ما يلي:
  • علم نفس النمو: أو ما يُعوف باسم علم النفس التكويني، وهو العلم الذي يشرح العوامل الوراثيّة بشكل عام ومدى تأثيرها في جميع أشكال نشاطات الفرد المختلفة العقليّة والجسميّة، بالإضافة إلى دراسة الخصائص النمائية للمراحل العمرية المختلفة بحيث تعمل على تسهيل عملية التفاعل السوي مع الفرد بحسب المرحلة العمرية التي يمر بها.
  • علم النفس الفارق: هو العلم الذي يسعى إلى فهم البشرية، وتصنيفهم في أماكنهم الملائمة في المجتمع، وذلك عن طريق دراسة الفوارق الفردية التي تظهر بين الأشخاص بين بعضهم البعض، أو الاختلافات التي تظهر داخل الفرد نفسه كنقاط أو عوامل القوة والضعف، فضلا عن معرفة الاختلافات بين الجماعات وتوجهاتها.
  • علم النفس الاجتماعي: وهو العلم الذي يهتم بدراسة الفرد في بيئته عن طريق تفاعله مع التأثيرات الخارجية الاجتماعية العديدة، بالإضافة إلى البحث في سلوكيات الجماعات والأفراد خلال تعرضهم للمواقف الاجتماعية المختلفة، ومدى تأثير النهج الاجتماعي والحضاري الخاص بجماعة معينة على سلوك أفرادها، كما يهتم بدراسة أشكال التصرفات التفاعليّة كاللغة والتواصل والتوجهات والآراء.

 

فروع علم النفس التطبيقية

  • وهي عدد من العلوم التي تراعي بتطبيق المعرفة النفسية النظرية في العديد من الميادين الحياتية في حياة الفرد العملية، واستعمال هذه المعرفة للحمايك من الاضطرابات العقلية والأمراض النفسية، ووضع الخطط العلاجية الملائمة والفعالة لها، بالإضافة إلى وضع قوانين تهتم بمشكلات وعواقب عملية الإرشاد والتوجيه النفسي والمهني، ومن أبرز فروع علم النفس التطبيقي:
  • علم النفس العيادي: أو ما يُعرف باسم علم النفس السريري، وهو العلم الذي يُعرف بشكل عام بإزالة الآثار النفسية التي تنتج عن الأمراض والاضطرابات النفسيّة التي يعاني منها بعض الأفراد، ويعمل في هذا المجال الأطباء والمعالجين النفسيين والممرضين بالإضافة إلى الأخصائيون الاجتماعيون والمعلمون والمربّون، ويقوم علم النفس العيادي عن طريق استخدام المؤهلات المهنية التطبيقية للمبادئ العلاجية في علم النفس، ويكون ذلك في شكل المستشفيات أو العيادات النفسية.
  • علم النفس الجنائي: ويُعرف أيضاً بمسمى علم النفس القضائي، ويعد من الفروع التي ظهرت حديثاً في مفاهيم علم النفس، حيث يعمل على تطبيق قوانين ومبادئ علم النفس النظرية في مجال الجرائم والجنح وقواعد التعامل مع المجرمين، كما تتضمن حديثاً أشكال الإدلاء بالشهادات في المحاكم ووسائل عرض الأدلة، بالإضافة إلى السعي المتواصل إلى تطور برامج تأهيل المجرمين، وتحديد الوقت المناسب للإفراج عن مرتكبي الأحداث الجرمية.
  • علم القياس النفسي: ويقصد هذا الفرع من علم النفس إلى إنشاء واستحداث الاختبارات النفسية لجميع الميادين النفسية في الحياة، بالإضافة إلى تأهيل الأخصائيين بالتحديدات الملائمة لوضع هذه الاختبارات، وتحديد وسائل وأساليب القياس والتقييم الخاصة بها.

 

أهداف علم النفس

يهدف علم النفس بشكل عام ككيان أغلب العلوم الإنسانية إلى ثلاثة أهداف، وهي الفهم والتنبؤ والضبط، وقد تحدث عنها علم النفس على النحو الآتي:

  • الفهم: يهدف علم النفس من خلاله إلى تفسير وفهم السلوك والأسباب التي أدت إلى ظهوره، وبالتالي التمكن من فهم آلية حدوث السلوك، بحيث يساهم الفهم على تقديم التفسيرات العلمية للظواهر السلوكية.
  • الضبط: يسعى علم النفس عن طريق المعطيات الاساسية على فهم السلوك ومعرفة أسبابه إلى ضبط هذا السلوك والتحكم به، عن طريق تحديد المثيرات وترابطها بالاستجابات السلوكية المختلفة، أي معرفة زمن حدوث السلوك، والتحكم ببعض المتغيرات المستقلة المُسببة لظاهرة محددة، ومدى تأثيرها في المتغيرات الأخرى.
  • التنبؤ: يقوم علم النفس بعملية التنبؤ بوقت محدد إمكانية ظهور السلوك وتوقع حدوثه، أي وضع الافتراضات لظهور سلوكيات معينة في حال حدوث بعض المثيرات التي تؤدي من خلال دورها إلى ظهور الاستجابات السلوكية المتوقعة.

استقلالية علم النفس عن الفلسفة

  • يُجمع كل علماء علم النفس والمؤرخين على أن استقلال هذا العلم عن العلوم الفلسفية والنشأة الأساسية له كانت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد العالم الألماني فونت حيث تم اعتباره أنه هو مؤسس علم النفس، والذي قام بنهضة علم النفس التجريبي حيث عمل بشكل رئيسي على إنشاء أول مختبر نفسي للدراسات السيكولوجية النفسية، وأيضا سبق ذلك اختراعه لأول جهاز سيكولوجي تجريبي لخدمة البحوث النفسية.
  • واستمر تأثير العالم الألماني فونت على الفكر السيكولوجي للدراسات النفسية لفترات طويلة من الزمن، تبع ذلك قيام الكثير من المؤتمرات وإنشاء فرع خاص ومستقل في الجامعات لعلم النفس باعتباره علماً مستقلاً من العلوم الإنسانية، كما ساهم الكثير من العلماء المختلفين في نشر البحوث وإنشاء المختبرات والقاعات الدراسية الخاصة بعلم النفس فقط.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock