مدرستي مرحلة تعكس التطور التقني
دلفت الأسرة السعودية برفقة أبنائها وبناتها الطلاب والطالبات مطلع الأسبوع الجاري من العام الدراسي الجديد 1442هـ، مرحلة جديدة ومختلفة بكل تفاصيلها، ففي مثل هذا الأسبوع من كل عام كانت الشوارع تكتظ صباحاً بالسيارات التي تنقل فلذات الأكباد إلى مدارسهم وتعود بهم ظهراً، أما هذا العام فقد تغير المشهد برمته وحلّت البيوت مكان المدارس لتعليم الأبناء والبنات، فقد فرض كورونا المستجد (كوفيد – 19) واقعاً مختلفاً اضطرت معه وزارة التعليم ليكون التعلم عن بُعد لحماية الأبناء من مخاطر هذا الفايروس الخطير.
الأيام الماضية سخرّت وزارة التعليم جلّ إمكاناتها البشرية والفنية لتسهيل عملية التعلم عن بُعد، وأطلقت لأجل ذلك حزمة من الخيارات التي تمكن المتعلم من تلقي دروسه عن بعد، فقد أطلقت منصة “مدرستي”، كما وضعت ضمن الخيارات الدخول على تطبيق “Maicrosoft Teams”، ورغم وجود بعض المصاعب الفنية في البداية إلاّ أن عملية التعليم سارت بشكل أفضل حتى غدا الوضع طبيعياً، وشكّلت هذه المنصة تحدياً جديداً لأولياء الأمور، حيث بات الأبوان شريكين رئيسين في عملية التعليم من خلال المتابعة وحث الأبناء على الدخول لتسير العملية التعليمية بجدية وتفضي للنجاح المؤمل.
“الرياض” استطلعت آراء العاملين في قطاع التعليم للتعرف عن كثب على الأهمية التي تحملها عملية التعلم عن بُعد عبر منصة “مدرستي”.
ظروف استثنائية
في البداية قال حمد بن محمد العيسى – مدير الإدارة العامة للتعليم بمحافظة الأحساء -: إن إدارته سارت وفق خطة العمل التي أعدتها وزارة التعليم، حيث استعدت مبكراً وأطلقت جملة من البرامج التدريبية لتحقيق بداية جادة للعام الدراسي الجديد 1442هـ في ظل الظروف الاستثنائية القائمة من خلال التعليم عن بُعد؛ ومنها التدريب والتهيئة عبر المنصة التعليمية “مدرستي” والتي استهدفت القيادات المدرسية والمعلمين والطلبة وأولياء أمورهم؛ بهدف التغلب على المشكلات والصعوبات التقنية وإجراءات التعامل مع المنصة وفق معطياتها؛ التي قد تواجههم، مضيفاً أنه تواصل الإدارة الدعم والمساندة والرفع بالتقارير الدورية للجان العمل في قطاعي البنين والبنات، وإيجاد الحلول المناسبة للتغلب على الصعوبات والمعوقات واعتمادها عبر وجود فريق تقني مركزي على درجة عالية من المهارة والمهنية يتلقى الملاحظات والحلول المباشرة، لضمان تحقيق الجاهزية التامة وتحقيق الأهداف المرجوة.
لقاءات واجتماعات
وأوضح العيسى أن خطة الاستعداد تضمنت عقد العديد من اللقاءات والاجتماعات التحضيرية والتنسيقية للجان العمل بالإدارة، وتنفيذ 118 برنامجًا التحق بها 16885 معلماً ومعلمة، اكتسبوا خلالها مهارات التعامل مع منصة مدرستي وتمكينهم فنيًا وتوضيح أدوارهم المنوطة بهم بالمنصة، وكذلك كيفية إنشاء وإدارة الأنشطة والتدريبات الموجهة لطلابهم، كما شملت خطة الاستعداد تحديد أدوار المدارس والتي يبلغ عددها أكثر من 750 مدرسة في قطاعي البنين والبنات؛ بصفتها مركزًا لدعم لأولياء الأمور ومساعدتهم في عمليات التسجيل والدخول على المنصة وتذليل كافة الصعاب التي قد تواجه البعض منهم، والاستفادة من جميع الإمكانات البشرية والمادية المتاحة بالمدارس، كما يجري العمل على تنفيذ خطة إعلامية توعوية تم من خلالها بث العديد من الرسائل التوعوية والتثقيفية وجهود الإدارة والمدارس عبر منصة مدرستي.
تطوير مستمر
ورأى د. عبدالرحمن الفلاح – مدير إدارة التدريب والابتعاث بتعليم الأحساء – أن جائحة كورونا المستجد فرضت في واقعنا تغيراً حتمياً، حيث إنه من المتوقع أن يصبح التعليم عن بُعد جزءا من النظام التعليمي العالمي، وتصبح منصة مدرستي لدينا جزءا من المسيرة التعليمية عطفاً على ما وفرته من خدمات كبيرة ومهمة جداً، حيث بات الأبوان يقفان على مستوى ووضع أبنهم الدراسي أولاً بأول عن كثب، ويتعرفان على كل تفاصيل يومه الدراسي، مبيناً أن وزارة التعليم حريصة على التطوير المستمر للمنصة لتواكب كل المتغيرات عبر فريق ضخم من التقنيين يأخذون كل جديد، مُعرباً عن ثقته في مستقبل مشرق ينتظر أبناءنا وبناتنا عبر ما توفره الوزارة من سبل للتعليم الجاد.
علم وتفاعل
وأكد علي سالم السليم – قائد مدرسة – أن منصة مدرستي لها أهمية كبيرة للطالب وولي الأمر والمعلم، حيث تعطي لمحة سريعة لولي الأمر وتسهل عليه التواصل مع إدارة المدرسة والمعلمين، ففي السابق كان الأب مضطراً لمراجعة المدرسة للتعرف على مستوى ووضع ابنه الدراسي ومناقشة المعلم في بعض الأمور، أمّا الآن فقد بات ذلك كله يتم عن بُعد، فبمجرد رسالة يتم التواصل المباشر مع المعلم، كما أن المنصة تعرف ولي الأمر على جميع معلمي ابنه وكفاءة ما يقدم لابنه، مضيفاً أن المنصة تخلق حالة من التنافس الشريف بين المعلمين وما يقدم من مادة علمية والغرف التي يقيمها المعلم ومدى تفاعل المعلم مع طلابه، كما أن من شأن المنصة تعويد الطالب على الاعتماد على النفس في البحث والتقصي عن المعلومة، كما أنها تخلق لديه احترام الوقت وتطور تعامله مع التقنية الحديثة، لافتاً إلى أن الإدارة العامة للتعليم بمحافظة الأحساء بذلت جهداً كبيراً لنجاح تطبيق واقع المدرسة الافتراضية، وخصصت مجموعة من الفنيين والتقنيين لمعالجة المشاكل الفنية التي قد تطرأ وحلها فوراً، شاكراً وزارة التعليم على جهدها الكبير الذي بذلته ولا تزال لنجاح هذه التجربة الأولى في ظل هذا الظرف الاستثنائي.
دراسة بحذر
واعتبر نصّار سعد القرين – مدير مركز التدريب التربوي بالأحساء – أن وزارة التعليم في المملكة نجحت في عودة أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات للدراسة بحذر، مضيفاً أن بوابة مدرستي صممت لتكون البيئة الحاضنة لكل عمليات التعليم والتعلم، وأعطي المعلم دفة القيادة لجميع عمليات التعليم داخل البوابة، حيث يقوم بتقديم الدرس والمتابعة والتقويم والمناقشة والحوار سواءً بتزامن أو من غير تزامن، موصياً المعلمين بجملة أمور من شأنها تحقيق ما تتطلع إليه الوزارة وأولياء الأمور والطلاب، ومنها: التحضير الجيد والموسع للدرس مما يؤدي إلى تقديم مادة تحقق الأهداف وتكون جاذبة للمتعلم، واختيار وبناء الوسائل المساعدة والجاذبة للدرس، وكذلك عرض الدرس بشكل مبسط وشيّق، مؤكداً على أن التحفيز أمر مهم، والتعليم عن بعد ناجح، وقد ثبث نجاحه مسبقاً لذلك قناعة المعلم بما يقوم به تعود بالأثر الجميل على الطلاب، إضافةً إلى أن المواكبة والمواءمة للتقدم التقني في مجال التعليم يساعد المعلم على جودة المادة والأداء.
حضور ذهني
ووجّه القرين نصيحة للطلاب بأن يرضوا بالواقع ويتعايشوا معه ويحبوه، فكلنا نحب التقنية وأتيحت لنا الفرصة الآن مع بوابة مدرستي أن نعيش التعليم عن بُعد وذلك للمصلحة العامة، مضيفاً أن الحديث عن إيجابيات التعليم عن بُعد أولى في هذا الوقت حتى يتقبل الجميع الوضع القائم، مبيناً أن بوابة مدرستي وضعت لخدمة الطالب ولتكون بيئة تعليمية مناسبة وبديلة والتقنية معلومة للأكثرية من الطلاب ومجال التعلم مفتوح وسهل للجميع، مُشدداً على أهمية الحضور الذهني ورفع مستوى التركيز عند مشاهدة الدرس وذلك بالجلوس في مكان مناسب والاستماع بتركيز، ووضع دفتر لكل مادة لكتابة الفوائد والمعلومات التي تطرح أثناء شرح الدرس فالعلم صيد والكتابة قيده.
وأشار قاسم الحاضر – منسق منصة إدارة التدريب – إلى الجهود المتواصلة بين المدرسة والمنزل خلال الأيام الماضية الأمر الذي انعكس بشكل رائع عبر زيادة الدروس الافتراضية المتزامنة التي أعدها المعلمون، حيث سارت عملية التعليم بشكل ممتاز ويعطي مؤشرا على نجاح التعلم عن بُعد وفقاً لصحيفة الرياض.