محاور تفاعل الطالب مع المعلم الجزء الثاني
محاور تفاعل الطالب مع المعلم الجزء الثاني
محاور تفاعل الطالب مع المعلم الجزء الثاني
محاور تفاعل الطالب مع المعلم الجزء الثاني
محاور تفاعل الطالب مع المعلم الجزء الثاني
■ المتعلم.
يعتبر التلاميذ من أهم مدخلات إدارة بيئة التعليم والتعلم، بل إنهم أهم المدخلات العملية التعليمية، إذ بدون التلاميذ لا يكون هناك فصل (قسم) ولا يكون هناك تعليم وتلاميذ المدارس ذوو أعمار مختلفة ووفقاً لأعمارهم يقسم التعليم إلى مراحل، وتأسيساً على ذلك فإن الإدارة الفعالة لبيئة التعليـم والتعلم تتطلب من المعلم أن يقف على كافة النواحي المتصلة بالتلاميذ من حيث نموهم وتعلمهم (أحمد إسماعيل حجي، 2000 ص 29).
1- حقيقة المتعلم : عندما نتحدث عنه فإننا نشير إلى مكتسباته خصائصه السيكولوجية إلى سنه (طفل أو مراهق)، جنسه (ذكر أو أنثى) وكلها عوامل تؤثر على فهمنا لهذا الفرد، فالمتعلم عندما يدخل الصف يحمل معه أفكارا تربى عليها ونمى بها من الصعب عليه التخلي عليها بسهولة، لهذا من الضروري حتى تنجح العملية التعليمية أن نراعي كل الجوانب النفسية والمعرفية والاجتماعية لهذا المتعلم حتى لا تذهب جهودنا سدا، وحسب بياجيه فالمعرفة تكتسب إذا ربطت بمعارف سابقة، والتعلم لن يحدث إلا إذا اندمج في شبكة من ذي قبل في النسق المعرفي للفرد، فالمتعلم يحمل تصورات لن يتخلى عنها بسهولة لأنه حصل عليها من خلال تفاعلاته الاجتماعية ومعايشته لمحيطه. فكل التعليميات أصبحت تركز أنه في كل تعلم لابد أن نأخذ بعين الاعتبار التصورات الموجودة في عقلية التلميذ وفي نظامه المعرفي. فعلى البيداغوجي أن يحلل طبيعة التصورات الخاطئة حتى يتغلب على عوائق التعلم (Laurence cornu, 1992 p 50).
وحتى ينخرط التلميذ حقيقة في التعلم يجب أن تكون المهام الماثلة أمامه خلال النشاط الدراسي مفهومة من قبله وأن يقبلها داخلياً بمعنى أن تكتسب أهمية للطالب وأن تلقى بهذا الشكل صدى ونقطة ارتكاز في معايشاته (أحمد خنسة، المرجع السابق، ص 274)، وقد وضع ماجر (Mager 1969) مجموعة من الشروط الإيجابية بهدف تدعيم التلميذ في وضعية التعلم والتي نجملها فيما يلي :
♦ التعرف على ردود الفعل الخاصة بالتلميذ ورغبته في التعلم وتتبعه والتعليق عليها بالإيجاب.
♦ مكافأة وتشجيع المتعلم تجاه ما يرغب تعلمه.
♦ التصريح للتلميذ بنتائج تعلمه بمفرده وليس أمام الملأ (تجنباً للإحراج).
♦ أن يكون التلميذ على دراية بالأهداف التعليمية حتى يفهم المقصود منذ البداية.
♦ إعطاء الحرية للتلميذ في اختيار وتنظيم المادة التعليمية.
♦ التعامل مع المتعلم كشخص وليس كرقم في قسم ما.
♦ إظهار الفرح عندما ينجح التلميذ.
هذه الشروط تؤكد على ضرورة أن يظهر المعلم إحساساته الإيجابية وشعوره تجاه تلاميذه، فالمعلم الذي لا يظهر حبه لمهنته ولا لتلاميذه لن يكون له تأثير يذكر على تلاميذه من الناحية البيداغوجية.
وينقل لنا (ماجر) مرة أخرى انطباعات الطلبة عندما سئلوا عن الطرق التي كان لها الأثر الإيجابي على اهتماماتهم وآداءاتهم وما الذي كانوا ينتظرونه من الأستاذ، فكانت أهم النقاط التي ركزوا عليها :
♦ الأستاذ علمنا مواجهة المشكل وحله بمفردنا، إنه قدم وسائل لنتعلم.
♦ كان يجزأ موضوع التعلم إلى أجزاء حتى نستوعب أكثر، كما كان يعمل على طرح موضوع الدراسة بصيغة أخرى.
♦ يوفر لنا الكتب التي نحتاج إليها عند تعلمنا.
♦ شجع ورحب برغبتنا في التعلم وساعدنا، كما كان يبدي اهتماماً شخصياً لما كنا نقوم به.
♦ كان المعلم يوجه مناقشاتنا ولا يفرض علينا أفكاره.
♦ كان المعلم يلقي درسه بشكل رائع، ويربط الأحداث الواقعية الحديثة بالأحداث الماضية.
♦ كان المعلم قادرا على أن يجعل المتعلم يشعر بما هو منتظر منه.
♦ كان المعلم يستعمل الأفلام وكان يستعين بأساتذة آخرين لإثراء الدرس.
♦ كان المعلم يبحث عن وجهات نظر تلاميذه، ويحترم آراء هم حتى إذا لم يكن يتبناها (Michel Minder,ibid,PP138-139).
الملاحظ مما ذكره ماجر، ومما ذكره آخرون مثله أن المتعلم يبحث عن الشخص الذي ينمي لديه روح الثقة ويبعث فيه الطمأنينة حتى لا تكون عملية التعلم عبء ثقيل، بل متعة يكتشف من خلالها حقيقة ذاته وحدود إمكاناته حتى يبذل أكبر جهد للوصول إلى مبتغاه، فالمتعلم يبحث عمن يسمعه ويفيده وقت الحاجة.
2- ماهية التعلم : التعلم عملية مكتسبة تشمل على تغيير في الأداء أو السلوك والاستجابات، يحدث نتيجة نشاط تتم ممارسته من قبل المتعلم أو التدرب أو مثيرات قد يتعرض لها ودوافع تسهم في دفعه من أجل تحقيق النضج (سامي محمد ملحم، المرجع السابق، ص 45).
والتعلم يتوقف على درجة نضج الكائن الحي، أي أنه يرتبط بالنمو، والوصول إلى درجة معينة من النضج في كل مرحلة من مراحل العمر، إلى أن يكتمل نضج الإنسان، ومعنى هذا أن الإنسان في كل عملية نمو، وفي كل مرحلة من مراحل النمو، يكون مهيأ للتعلم.
فالتعلم تعديل في السلوك نتيجة احتكاك الفرد بمواقف مختلفة في البيئة التي يعيش فيها، مما يؤدي إلى تغيير أداء الفرد، ويتم التعلم تحت شرط الخبرة والممارسة، وينتج عن التعلم كاكتساب لسلوك جديد يكون لها تأثيرها على الكائن الحي (أحمد إسماعيل حجي، المرجع السابق، ص 29-30).
وقد أشارت نتائج بحوث عديدة أجريت في التربية وعلم النفس – لدراسة العوامل التي تؤثر على التعلم – إلى أن اشتراك الشخص المراد أن يتعلم في اختيار الخبرات والأنشطة التعليمية وفي تخطيط وسائل وطرق تحقيق الأهداف المنشودة يؤدي – دون شك – إلى تعلم أفضل بمعنى أن التعلم يتم بتلقائية ذاتية من المتعلم، وبالتالي تكون النتائج أوقع ويمتد أثرها إلى أمد أوسع (كوثر حسين كوجك، المرجع السابق، ص 56)، ورواد المدرسة المفتوحة يؤكدون على مبدأ أساسي يتمثل في أن تكون المدرسة مفتوحة على العالم، فالتعلم عليه أن يكون حقيقي وواقعي، أي ينبثق من وضعيات حقيقية في الحياة، مع مراعاة نمو ودرجة ذكاء المتعلمين، وقد جاء مارتيناند (Martinand) بمفهوم التطبيقات الاجتماعية المرجعية (Les Pratiques Sociales de références)، والذي يعني استعمال بعض المعطيات الاجتماعية لتسهيل عملية التعلم كالجريدة المدرسية (Journal Scolaire) بمثابة تطبيق اجتماعي مرجعي لتسهيل تعلم النحو؛ إضافة إلى استعمال الصور والأشرطة لتسهيل عملية التعلم (Michel Minder, Ibid, P 135-136).
3- ضبط التعلم : يهدف ضبط التعلم إلى توجيه التعلم، بمعنى ضبط العوامل المؤثرة على عملية التعلم والتي تتظمن بعدين رئيسيين هما :
♦ الضبط الخارجي : أي تحديد معنى الشروط الخارجية التي قد تسهل أو تعوق التعليم، أي أن هناك بعض الشروط البيئية المحددة للتعلم والتي لها تأثيرها على عملية التعلم، ومن الوسائل التي يستخدمها المعلم للضبط الخارجي، وسائل العرض، تشخيص مصادر المشكلات، تحديد مصادر المعلومات المرتبطة بموضوع التعلم، تحديد الشروط الاجتماعية و ترتيبها، تقديم بعض العناصر أو المكونات المرتبطة بموضوع التعلم.
♦ الضبط الداخلي : يحدث بواسطة المتعلم ذاته وهو مكمل للبعد الخارجي ويتمثل في اختيار أنسب الظروف لتحقيق التعلم، ويمكن للمتعلم اكتسابه من خلال اتصاله بالمعلمين والمشرفين التربويين، كما أن اكتساب عادات الدراسة والاستذكار من أفضل الوسائل الفعالة لتحقيق الضبط الداخلي، إضافة لكل هذا فإن للتعلم مثيرات كالجهد الذي يقوم به المتعلم في أداء بعض العمليات الداخلية (التفكير – الإدراك – الفهم – التذكر)، وخبراته السابقة، بالإضافة إلى الفروق الفردية بين المتعلمين (سامي محمد ملحم، المرجع السابق، ص 48).
مما سبق ذكره يتضح لنا أن عملية التعلم تستلزم تفاعل بين أطرافها (المعلم – المتعلم) وأن هذا الأخير لن يتم إلا إذا نجح التفاعل وظهرت نتائجه.
● تفاعل المعلم والمتعلم.
التدريس عملية إنسانية ووسيلة اتصال وتفاهم بين طرفين، فلا يمكن أن نقول أن مدرساً قد قام بعملية تدريس ناجحة إذا لم يوجد من تعلم منه شيئاً، فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن التدريس دون التحدث عن التعلم، ونحن لا نقدر أن نشهد أن المعلم قد قدم درساً جيداً إذا لم يحدث هذا الدرس أثره المنشود على التلاميذ، وقد عبر ديوي (Dewey) عن هذه الفكرة عندما شبه المدرس بالبائع ومهمة البائع أن يبيع بضاعته للمشترين فإذا لم يشتري أحد بضاعته فلا يمكن أن تتم عملية البيع (كوثر حسين كوجك، المرجع السابق، ص 100).
المعلم ينظم في العملية التربوية نشاط الطالب، وهذا الأخير عليه أن يمتلك دافعاً إدراكياً دراسياً، فالمعلم يقوم كل المكونات الضرورية ويساعد الطالب على استيعابها، غير أنه بدون نشاط الطالب نفسه فإنه لا يكون وجود للنشاط الدراسي، زيادة على ذلك فإن الطالب عندما يستوعب المادة الدراسية أو الموضوع وعندما يمتلك المعارف والأفعال يحولها بحيث تكتسب المفاهيم المعالجة في حالات معينة مضمونا آخر بالمقارنة مع ما أعطاه المعلم، ولكي يعرف التلميذ كيف يقوم بالواجب الدراسي يجب على المعلم أن يتدخل في هذه العملية ولا يكتفي بالمراقبة والنتيجة النهائية (أحمد خنسة، المرجع السابق، ص 287).
هكذا يمكننا أن نقول أن التعليم عملية تعاون ونشاط مشترك بين المعلم والمتعلم، فلكل منهما دوره المكمل للآخر، فالمعلم ينظم نشاطه التعليمي من خلال التخاطب والاحتكاك اليومي مع التلميذ وبواسطة وسائل مادية أخرى، والمتعلم يستجيب بالجهد المبذول للتعلم وبخبراته الخاصة حتى تتم العملية التعليمية وفقاً للأهداف المسطرة.
● المادة الدراسية.
إن التطور الذي عرفته الديداكتيك لبناء مفهومها ولاكتساب استقلالها من هيمنة العلوم الأخرى جعلها تركز على المادة الدراسية حتى تصل إلى فعالية أكبر للنشاط أو الفعل التعليمي، ففي المغرب مثلاً أنجزت عدة دراسات ذات طابع ديداكتيكي والتي تهتم بالتفكير في المادة ومفاهيمها وبناء استراتيجيات لتدريسها.
فديداكتيك المادة (Didactique de la discipline) هي تأمل في طبيعة المادة التعليمية، وهو مجال مفتوح قابل للمراجعة، فالمعرفة تتطور بناء على إسهامات العلوم المختلفة، البحث فيه لا يهتم فقط “بالكيف” أي بالطرق والوسائل التعليمية لكن كذلك بالمادة، إذ لا ينبغي أن نهتم بكيف ندفع التلميذ للتعلم بل لابد من الاهتمام بالدرجة الأولى بماذا يقدر التلميذ أن يتعلمه في المادة ؟ كما أن ديداكتيك المادة الدراسية تهتم بتجريب الاستراتيجيات والتأكد من صلاحياتها المرحلية.
والاهتمام بالمادة الدراسية في المنظور الديداكتيكي يرجع إلى إبراز النظرة الجديدة للمادة الدراسية وتغيير النظرة التي تعتبر أن المادة الدراسية معرفة مسبقة ونهائية ولا مجال لتغيرها أو استبدالها رغم شعورنا بقصورها ومحدوديتها، والشخص المختص في مادة ما هو المؤهل لإدخال تعديلات عليها فانتقاء ما ينبغي أن يتعلمه من معارف لغوية من شأن المختص في اللغة، وما ينبغي تعلمه في الرياضيات من شأن المختص في الرياضيات وهكذا. لكن هذا لم يعد يكف، إذ لا بد من تدخل الديداكتيكي الذي يتوفر بالإضافة إلى اختصاصه في مادة من المواد على معرفة بمجلات معرفية أخرى مرتبطة بالتدريس، فدراسة المادة التعليمية – التي تعتبر موضوع الديداكتيك – يتم من خلال بعدين :
♦ بعد إبستيمولوجي يتعلق بالمادة ذاتها من حيث طبيعتها وبنيتها، منطقها ومنهج دراستها.
♦ بعد بيداغوجي مرتبط أساساً بتعليم المادة ومشاكل تعلمها.
لا يمكن تطور أي عمل ديداكتيكي دون أن يكون هذا العمل مرتبط بمادة تعليمية معينة، إلا إذا رجعنا إلى الديداكتيكا العامة، التي يسعى البعض إلى جعلها مجالاً معرفياً يهتم بدراسة العناصر المشتركة بين المواد الدراسية، من حيث تعلمها وتعليمها لذلك دعا برنار جيسمان إلى القيام ببحوث في الديداكتيك النظرية حول مواضيع مشتركة بين المواد الدراسية من طرف مجموعات ذات اختصاصات مختلفة (معجم علوم التربية، 1994، ص 71-70).
وحتى ينجح المعلم والمتعلم في العملية التعليمية فإن هناك أشخاص آخرون يشكلون قاعدة أساسية في الفصل التعليمي كمدير المؤسسة الذي يعتبر دوره أساسي حتى تسير الأمور بصورة أحسن. وإذا كنا نؤمن أن الإدارة لا ينبغي أن تظل مجرد تسيير وتيسير، وإنما ينبغي أن يضاف إلى هاتين المهمتين مهمة أخطر هي التطوير، فالمدير ينبغي أن يشيع في مؤسسته مناخ التطوير والتحسين إلى أحسن وضع. فهو المسؤول التنفيذي عن كافة أنشطة المدرسة في كافة المجالات التربوية والتعليمية والأنشطة المدرسية والشؤون الفنية والإدارية والمالية (أحمد إسماعيل حجي، المرجع السابق، ص 38-39).
■ قائمة : الروابط الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية.