لهذا السبب.. أدخلت وزارات التعليم في العالم مقرر الفلسفة
استضافت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الدكتور سعد البازعي، أستاذ اللغة الإنجليزية في كلية الآداب في جامعة الملك سعود، في ندوة مباشرة بعنوان «تعليم الفلسفة»، أقيمت ضمن فعاليات البرنامج المعرفي للفهرس العربي الموحد ناقش من خلالها ماهية الفلسفة وأهميتها.
وقال البازعي، إنه قد يتبادر إلى ذهن من يسمع عنوان الندوة “تعليم الفلسفة” أن المقصود هو تعلم الفلسفة كطريقة في التفكير وفلسفة الحياة، وكيف يمكن أن يتفلسفوا أو يصبحوا فلاسفة، لكن ما سيطرحه يتناول الفلسفة من حيث كيفية تعلمها بوصفها مجالًا معرفيًّا يمكن نقله للأجيال القادمة، وتعويد الطلاب على هذا اللون من التفكير بهدف تفعيل الفكر والإدراك وتحفيز الفهم والتعامل مع القضايا وتربية الحس النقدي لديهم وليس لجعلهم فلاسفة، وقدم البازعي عدة تعريفات للفلسفة ذات معانٍ ودلالات مختلفة لعدد من الفلاسفة لكن بينها رابط مشترك، فسقراط يعرفها بأنها نمط حياة، والفيلسوف الألماني مارتن هايدجر يعيدها إلى مدلولها اليوناني الأصيل، ويعرفها بأنها حب الحكمة.
وأوضح البازعي أن تاريخ الفلسفة يعكسها ويعبر عنها، لأنه جزء منها، ودراسة الفلسفة لا تتم دون معرفة تاريخها، وقد مر تأصيل الفلسفة في الثقافات البشرية بعدة مراحل، وظهرت الفلسفة في حضارات مختلفة غير اليونانية لكن لم تتخذ نفس المعنى، فالثقافات الأخرى طورت نمطًا مختلفًا من التفلسف لكن مبني على ما سبق، فالرومان عندما ورثوا الحضارة اليونانية لم يواصلوا العطاء وانصرفوا لنمط آخر فيالتفكير أقل صرامة في العقلانية، وتناول الدكتور سعد، في حديثه تيارات الفلسفة ومنظوماتها وأفكار الفلاسفة واتجاهاتهم حولها.
وأكد الدكتور البازعي أن ما جعل وزارات التعليم في جميع دول العالم تهتم بإدخال مادة الفلسفة ضمن مقرراتها نابع من أهمية الفلسفةذاتها؛ لأنها تعمل على تحفيز الفكر الناقد وتجاوز المعرفة السائدة وإيجاد معرفة جديدة، والإنسان لا ينبغي أن يركن للمعرفة المتوارثة دون أنيطورها من خلال التفكير الناقد اللصيق بالفلسفة أكثر من غيرها، وأوضح البازعي أن الفلسفة كمجال معرفي وليس كطريقة تفكير تضاعف من أهميتها، ومن هنا جاء إعلان وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية إقرار تدريس مقرر في الفلسفة والتفكير الناقد.
واختتم “البازعي” حديثه باستعراض لجوانب نقد الفلسفة، الأول جانب نقد الفلاسفة أنفسهم للفلسفة ونقد الفلاسفة لبعضهم، فقد ظهرت أنماط من التفكير تزعزع يقينيات الفلسفة، والثاني نقد المتلقي العام الذي يتحسس من الأفكار العامة للفلاسفة ويرى أنها تقدم آراء تتعارض مع المعتقدات والأديان وهو نقد من خارجها وغير مستوعب له.
وقد تولى مدير مركز الفهرس العربي الموحد الدكتور صالح المسند إدارة الندوة التي كانت تبث مباشرة عبر منصة الزوم، بالإضافة إلى بثها عبروسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالفهرس، ما زاد من عدد المشاهدات المباشرة والمتابعات للندوة.
وتلقى الدكتور المسند عددًا من المداخلات والمشاركات التي تعكس تفاعل الحاضرين من المهتمين والأدباء والمفكرين من أنحاء العالم العربي.
تأتي هذه الندوة في إطار البرنامج المعرفي للفهرس العربي الموحد لتطرح وتثير موضوع يحمل أهمية علمية وثقافية بالنسبة للمفكر والمثقف والقارئ العربي عامة، وأهمية خاصة لضيف هذه الندوة الأستاذ الدكتور البازعي الذي يعد من أبرز النقاد والباحثين والمفكرين في المملكةالعربية السعودية، وحائز على عدد من الجوائز من بينها جائزة السلطان قابوس في الثقافة والفنون والآداب (النقد الأدبي) لعام 2017 منسلطنة عمان، ويعمل أستاذًا غير متفرغ لآداب اللغة الإنجليزية والأدب المقارن بجامعة الملك سعود، وله العديد من المؤلفات، منها: المكون اليهودي في الحضارة الغربية (2007م)، وقلق المعرفة: إشكاليات فكرية وثقافية (2010م)، وهموم العقل (2016م)، وصدر له كتاب بعنوان: “مواجهات السُّلطة – قلق الهيمنة عبر الثقافات” عام 2018م عن المركز الثقافي العربي.