كيف يشجع المُعلم تلاميذه على مهارات التفكير
كيف يشجع المُعلم تلاميذه على التفكير
كيف يشجع المُعلم تلاميذه على التفكير
كيف يشجع المُعلم تلاميذه على التفكير
كيف يشجع المُعلم تلاميذه على التفكير ؟
■ مقدمة :
تُعد (تنمية مهارات التفكير) من الأهداف الاستراتيجية للعملية التعليمية، إذ أصبح معظم اهتمام التربية الحديثة منصباً على تمكن المتعلم من هذه المهارات؛ لأنّه من خلالها يُصبح قادراً على تحصيل المعارف المختلفة.
وكما هو معروف، يُعتبر التفكير قابلا للنمو، كما أنّه قابلٌ للضمور أيضا؛ لذا ينبغي البحث عن الأساليب والأنشطة التي تمكن من تنمية التفكير ومنعه من التراجع أو الضمور.
ولأنّ المعلم يؤثر بكل سلوكياته من أقوال وأفعال على تحصيل التلاميذ، ونظراً لأثره البالغ على قدرات التفكير لدى المتعلمين، اخترنا أن نضع بين أيديكم مجموعة من المواقف الصفية المشجعة على التفكير.
■ استجابة المعلم الفعّالة.
إنّ التفاعل – بين المعلم والمتعلم – الذي يُوفر مناخاً تملؤه الثقة ودفء العلاقة والشعور بالأمن النفسي، يحض على التفكير. وتعتبر الاستجابة الفعّالة جزءاً هاماً من هذا التفاعل ونقصد بها : تلك السلوكيات التي يقوم بها المعلم عند الاستماع إلى إجابة المتعلم عن الأسئلة الموجهة إليه، أو كرد فعل على طريقة تفاعل التلميذ مع ما قاله المعلم.
● فما شكل استجابة المعلم الفعّالة المثيرة لتفكير المتعلم ؟
يقول Kahn&Weiss : إنّ أسلوب استجابة المعلم يؤثر في سلوك المتعلم أكثر من السؤال الذي وجهه أو التعليمات التي طلب من المتعلم تنفيذها.
بالمقابل وجد Loweny&Morshall : أنّ استجابات المعلم للتلاميذ تؤثر على مفهومهم لذواتهم، وعلى اتجاهاتهم نحو التعلم، وعلى تحصيلهم الدراسي، وعلاقتهم بالفصل بشكل عام.
■ وتصنف استجابة المعلم بحسب تأثيرها على المتعلم إلى نوعين :
1) استجابات تمنع وتلغي أي فرصة للتفكير.
2) استجابات تحافظ على التفكير وتشجعه وتنميه.
● وفيما يلي ندرج الآليات التي يمكن أن تتجلى فيها هذه الاستجابات :
1) استجابات تمنع وتلغي أي فرصة للتفكير : تتجلى هذه الاستجابات بحسب السلوكيات التي يُبديها المعلم ولها نماذج مختلفة نذكر منها :
أ) النقد الذي يُقلل من شأن المتعلم : أثبتت الكثير من الأبحاث التربوية النفسية أنّ النقد السلبي يمنع المتعلمين من التعلم، ويُعتبر أحد الأسباب الرئيسية للأداء الضعيف، لأنّه يُشعر المتعلم بالانهزام ويمنعه من التفكير.
● ومن أمثلته :
النقد الصريح الذي يحمل في طياته قيماً سالبة مثل : خطأ – ضعيف – غير صحيح.
أو النقد المستتر مثل أن يقول المعلم : إجابتك غير دقيقة، من لديه إجابة أفضل ؟
أو النقد التهكمي مثل قول : ما هذه الأفكار الغريبة ؟ أو ما هذه الإجابة السخيفة ؟
أو النقد غير اللفظي والذي يظهر في تعبيرات الوجه أو نبرة الصوت.
ب) المديح : يعتبر الكثير أنّ المديح عكس النقد كأن نستخدم قيماً إيجابية مثل : عظيم – ممتاز – جيد. ولكن انطلاقا من الواقع ومن نتائج الأبحاث والدراسات عن المديح يتضح أنّ مفهوم المديح يُفيد العكس في معظم الحالات، لأنّه يجعل المتعلمين يعتمدون على مصدر خارجي للإثابة وليس على أنفسهم. كما أنّ بعض المعلمين قد يستخدم المديح بشكل مستمر دون التمييز بين الأداء المستحق للمديح وآخر لا يستحق المديح أو الذي لا فائدة منه.
لذا ينبغي استخدام المديح بحذر في بداية الأعمال أو المهام حتى يكتسب المتعلم الثقة والمهارة اللازمة، والأفضل أن ينسحب المديح حتى يحل محله الرضا النابع من النجاح.
وقد يعترض معلمو المراحل الأولى على ما تقدم بخصوص المديح، ففي المراحل الأولى تكون الإثابة والمديح مناسبان، ولكننا لا نستطيع في نفس الوقت تحديد السن التي يتوقف أو يتراجع عندها لتبدأ الدافعية الداخلية بالتشكل. إنما المحك هو ملاحظة سلوك التلاميذ أثناء حل المشكلات واتخاذ القرار.
2) استجابات تحافظ على التفكير وتشجعه وتنميه :
أ) الصمت (زمن الانتظار).
ب) تقبل الإجابات.
ج) طلب التوضيح.
د) تيسير جمع البيانات.
أ) الصمت : لاحظ الباحثون تباين استجابات التلاميذ بحسب صمت المعلم؛ لأنّ صمت المعلم يُشجع على الابداع والتأمل في الإجابة، فعندما يوجه المُعلم سؤالاً ويصمت لمدة ثانية أو ثانيتين يجيب المتعلم إجابة مختصرة ثم يتوقف، أما إذا صمت لأكثر من دقيقة فإنّ المتعلم يسترسل ليقدم إجابة كاملة وربما أفكارا إضافية.
كما أنّ المتعلمين السلبيين يصبحون أكثر تفاعلاً، فالصمت الذي يبديه المعلم يُظهر أنّه على ثقة بقدرة المتعلم على الإجابة، أما ذلك المعلم الذي يتسرع فيجيب عن السؤال بنفسه أو يوجه السؤال لمتعلم آخر، فإنّه يوحي للمتعلم الأول بأنه ليس بالمستوى المطلوب كي يتمكن من الإجابة عن السؤال، مما يصيب المتعلم بالإحباط ويمنعه من التفكير.
● درب نفسك وتلاميذك على طريقة الانتظار بالخطوات الآتية :
1- أخبر التلاميذ بفترة الانتظار.
2- أخبرهم بالهدف من وراء الانتظار.
3- اطلب منهم تدوين إجاباتهم بشكل فردي أولاً.
4- اطلب من كل مجموعة مناقشة ما توصل إليه أفرادها.
5- انتظر حتى يُنهي أكثر من نصف التلاميذ المهمة المطلوبة.
6- أطلب من التلاميذ التوقف عند البدء بالإجابة من قبل أحد زملائهم.
ب) تقبل الإجابات : ينبغي على المعلم تقبل إجابات الطلبة مهما كانت طبيعتها ودرجة موافقتها للمعيار المطلوب؛ حتى يوفر مناخاً يشجع على التقييم الذاتي، كي يمنح الطلبة شعوراً بالأمان وعدم الخوف من التهديد، فيصبح المتعلم أكثر قدرة على تقييم أدائه ومقارنته بأداء زملائه، وبالتالي لا يكون المعلم مصدر التقييم الوحيد.
وقد يتساءل معلم يقرأ المقال : كيف السبيل لتصويب إجابات التلاميذ المغلوطة حتى لا يعتقد أحد منهم أنها صواب ؟
يُعتبر البديل الأفضل للاستجابة لهذا النوع من الإجابات أن يقوم المعلم بإعادة صياغتها، أو القيام بتطبيقها في موقف جديد، أو أن يُقارن بينها وبين غيرها من الأفكار المطروحة، أو أن يلخصها.
● طرائق تقبل الإجابات :
1- التقبل الحيادي : يعني أن يستقبل المعلم إجابة التلميذ دون إصدار حكم، مع ضرورة القيام بفعل يوحي بأنّ المعلم سمع الإجابة مثل القيام بتدوينها على السبورة.
2- التقبل الإيجابي : يعني أن يستقبل المعلم إجابة التلميذ، ومن ثم يقوم بتلخيصها والإضافة عليها أو مقارنتها بغيرها، مع الحفاظ على فكرة التلميذ الأصلية. ويعتبر التقبل الإيجابي ذو فائدة أكبر من التقبل الحيادي لأنّه يتجاوز استقبال الرسالة إلى فهمها واستخدامها.
3- التقبل والتعاطف : يعني أن يستقبل المعلم إجابة التلميذ مع المضمون الوجداني المصاحب لها، ويستعين المعلم بخبراته الشخصية في هذا الإطار، مثل أن يقول المعلم: “أنا أفهم مصدر الغموض لديك لأنّ هذا الجزء فعلاً غير واضح“.
ج) طلب التوضيح : إنّ طلب التوضيح يُشبه التقبل كونه يعكس اهتمام المعلم بفهم أفكار المتعلم، إلا أنّه يمتاز عن التقبل بأنه يُعبّر عن عدم فهم المعلم لإجابة المتعلم، وبالتالي حاجته لمزيد من المعلومات أو البيانات حتى يتحقق الفهم الجيد. وهذا بحد ذاته يُعد تشجيعاً للمتعلم وحضاً له على المثابرة ووضوح الهدف في التفكير.
وقد وضح Flanders : أن هناك ارتباط بين مستوى تحصيل المتعلمين واستخدام المعلم لاستراتيجيات طلب التوضيح، كأن يطلب مزيداً من الأفكار المرتبطة بالفكرة الأساسية، أو يطلب مزيداً من التوضيح.
ومن الوظائف الهامة التي يحققها طلب التوضيح أنّها تساعد على نمو تفكير التلاميذ في التفكير (الميتا معرفة)، وتشير الكثير من الدلائل إلى أنّ تعبير المتعلم عن استراتيجيات التفكير التي يستخدمها لإنجاز المهام التعليمية قبل أو أثناء القيام بالمهمة يمثل في حد ذاته نشاطاً عملياً هاماً لتنمية التفكير.
د) تيسير جمع البيانات : إنّ أحد أهم أهداف تعليم التفكير للمتعلم قيامه بمعالجة البيانات بنفسه وفق استراتيجيات مختلفة : كالتحليل، التصنيف، المقارنة، الاستنتاج. لذا ينبغي الحصول على البيانات التي سيقوم بمعالجتها. وحتى يُساعده المعلم في الحصول على البيانات، لابد أن يضع في حسبانه حاجة المتعلم للمعرفة. حيث يوفر مناخاً يشجع المتعلمين على السعي نحو هذه الأخيرة وكذا الحصول على المعلومات، ويمكن تحقيق ذلك بوسائل عدة نذكر منها :
1- تقديم البيانات اللازمة للمهمة التعليمية.
2- تشجيع المتعلم على تحديد البيانات التي يحتاجها لأداء المهمة.
3- توفير مصادر متعددة للحصول على البيانات.
4- إعطاء الوقت الكافي للتوصل إلى النتائج بشكل مستقل.
■ خاتمة :
إنّ قيام المعلم بتلك الاستجابات له الدور الأكبر في جعل التلاميذ أكثر قدرة على التفكير وأكثر جرأة على التفكير، وأكثر احساساً بأهمية التفكير. فلا تصنعوا أسقفاً في أذهان تلاميذكم تحد من تفكيرهم وتمنعهم من الوصول إلى المعرفة بأنفسهم.
■ فصل من كتاب : ”تعليم من أجل التفكير” لآرثر كوستا عنوان الفصل : أداء المعلم الذي يمكن التلاميذ من التفكير ـ