كيف أحصل على وظيفة أحلامي
ما هي وظيفة أحلامك؟
هذا السؤال يتم توجيهه لنا منذ الصغر، وتكون الإجابات في عمر الطفولة والمراهقة حالمة للغاية. فقد نبدأ بتخيل أنفسنا كالأبطال الذين لديهم قدرات خارقة تؤهلهم لتغيير العالم ليصبح مكانا أفضل، أو وظائف أخرى أقل خيالية من حولنا نراها جاذبة. ومع التقدم في العمر والدخول في مرحلة الشباب، تصبح الأحلام أكثر واقعية، ولكن مع التقدم في العمر أكثر، يتخلى كثير منا عن أحلامه؛ بسبب المعتقد الخاطئ عن الأحلام بأنها خيال يصعب تحويله إلى واقع؛ وبالتالي يجب التخلي عن هذه الأحلام ومواجهة الحياة التي تفرض علينا اختيارات نمطية وقوالب يضع الجميع أنفسهم فيها. وتلك القوالب قد تتلخص في الحصول على وظيفة بمرتب جيد بغض النظر عن مدى مساهمة هذه الوظيفة في تحقيق الرضا الشخصي والمهني للفرد.
الحقيقة أن الأحلام هي طريقنا للنجاح والسعادة والإنجاز والتغيير والتطوير، وكما أن لها قدرة هائلة على التحفيز! فملايين الابتكارات والإنجازات التي غيرت العالم من حولنا بدأت بحلم، ورؤية واضحة لكيفية تحويل هذا الحلم إلى واقع. فالناجحون في العالم هم أشخاص لديهم القدرة على الجمع بين الحلم والسعي إلى تحقيقه.
ما هي “وظيفة الأحلام الواقعية”؟
بعيدا عن الكلام الذي قد يكون سطحيا وعن القوالب التي نضع أنفسنا فيها لتصوراتنا عن الوظيفة المثالية أو وظيفة الأحلام، يجب أن نعلم أننا مختلفين وكل منا فريد بشكل أو بآخر. لذلك لا يمكن أن تكون الوظائف التي نطمح لها ونريدها كأشخاص فريدين هي نفس الوظائف أو الخصائص المتطابقة التي يفرضها المجتمع من حولنا. وكمحاولة لفهم معنى الوظيفة المثالية من وجهة نظر البعض، فهو العمل الذي يتصف بالتالي:
- عمل تحبه ويغذي شغفك
- عمل تتوفر لديك المهارة لتنفيذه بشكل جيد
- عمل يدفع لك مبلغا جيدا من المال (بحسب ما تحدده أنت)
- ويضيف عليها آخرون: عمل ينتفع المجتمع منه
وبتعريف أدق، فوظيفة الأحلام هي الوظيفة التي توفر لك الخصائص التالية:
- تحقق لك الرضا المهني، وهو أن تكون مرتاحا وسعيدا في أداء مهامك (تناسب اهتماماتك المهنية)
- تتفق مع قيمك المهنية وتتوافق مع أولوياتك
- تلبي احتياجاتك الحياتية ورغباتك الشخصية، المادية وغير المادية
- تحقق التوازن العائلي والصحي والاجتماعي
كيف أحصل على وظيفة أحلامي؟
وهنا بعض الاعتبارات التي يجب أن نأخذها في الحسبان عند التخطيط للوصول إلى وظيفة الأحلام:
- لا يمكننا أن نعرف وظيفة أحلامنا الحقيقية بدون معرفة أنفسنا بعمق أكثر
رحلة البحث عن وظيفة الأحلام يتخللها معرفة ذواتنا ورغباتنا الحقيقية بشكل أكبر، فقد يتغير تصورنا عن وظيفة الأحلام بحسب المرحلة الحياتية والمهنية والتجارب. كما ذكرنا في مقالات أخرى عن أهمية مرحلة إدراك الذات واكتشاف القيم والميول المهنية والشخصية لمساعدة الشخص في الإجابة عن هذا سؤال “ماذا أريد أو ما طبيعة العمل الذي يحقق لي السعادة والإنجاز. اترك فرصة لقوة الأحلام والحدس لتوجيهك. جرب أدوات تقييم الشخصية وجرب أعمالا مختلفة وبيئات متنوعة حتى يساعدك ذلك اكتشاف نفسك بشكل أفضل.
- وظيفة الأحلام غالبا لن تكون أول وظيفة في حياتك المهنية، وربما ليست الثانية!
الحصول على وظيفة أحلامك رحلة تتطلب أن تخوضها؛ فقد تعمل في شيء لا تحبه لتصل إلى مرحلة معينة تستطيع بعدها تغيير مجالك، أو زيادة دخلك، أو العمل في بيئة تطمح لها. وذلك لا يأتي صدفة، بل يأتي بإدراك وجوب العمل والتخطيط وتطوير مهارات مهنية معينة للوصول إلى مبتغاك.
- أدرك الواقع واستيعاب محركات سوق العمل وفرصه
لا يمكننا أن نعرف كيفية الوصول إلى وظيفة أحلامنا دون معرفة الواقع، وكيفية التقاء هذا الواقع بالحلم. لذلك؛ يجب أن تدرك ما حولك (عن طريق السؤال والاطلاع والملاحظة) وأن تفهم سوق العمل ومتطلبات “وظيفة الأحلام” والطريق إليها. سيخبرك ذلك بالأدوات التي تحتاجها في كل مرحلة، فيمكنك ذلك من الإعداد لها بالشكل الأنسب. بل ذلك سيساعدك أيضا لمعرفة ما إذا كانت وظيفة أحلامك هي بالفعل وظيفة أحلامك وتحتوي على ما تريده أنت، وليس معلومات وتصورات غير دقيقة عنها.
- تعلم كيف تخطط لحياتك المهنية مع التحلي بالمرونة
فكر دائما للمدى البعيد أولا وابدأ بوضع رؤيتك التي تود أن تحققها من خلال عملك، ومن ثم قسمها إلى أهداف طويلة المدى. بعد ذلك، فكر في الأهداف متوسطة وقصيرة المدى؛ وهي الخطوات التي سوف تقوم بها للوصول إلى أهدافك.
كذلك يجب أن يكون ذلك مع التحلي ببعض المرونة لتعديل خطتك بناء على المستجدات في سوق العمل والتحديات التي قد تظهر في الطريق.
- اعمل بجد وأعط نفسك حقها بإيجاد وظيفة الأحلام
الوصول إلى السعادة والراحة لا يأتي بالخمول والكسل! للحصول على وظيفة أحلامك يجب أن تعطي الأمور حقها من التفكير والعمل الجاد والإدراك الجيد. فعدم تميزك يعني بالضرورة قلة الاختيارات، وقلة الاختيارات تعني بالضرورة تدني احتمالية الوصول إلى وظيفة الأحلام واختيارها. لذلك يعتبر التميز في المجال المستهدف، أو المجال المؤقت، مفتاح مهم جدا لفتح أبواب جديدة.
- اهتم بفرص التدريب لاكتساب الخبرة العملية
في بداية مسارك المهني، اهتم باكتساب الخبرة والمهارة التي ستؤهلك للحصول على فرص عمل مستقبلية في هذا المجال. لذلك، اهتم بفرص التدريب والوظائف بدوام جزئي، ولا تجعل المال والمركز أولى أولوياتك! اهتم بالخبرة وتطوير المهارات في بداية مسارك المهني، والأمور الأخرى سوف تأتي لاحقا.
- تعلم كيف تقدم على الوظائف بالطريقة الأذكى
لا تعتمد كل الاعتماد على السيرة الذاتية والتقديم بالطرق التقليدية فقط، حيث تشير دراسة في كتاب What Color is your Parachute أن الاعتماد على السيرة الذاتية ليست أفضل طريقة للحصول على وظيفة الأحلام؛ لأنها تضعنا في منافسة كبيرة مع مئات وأحيانا آلاف المتقدمين الآخرين. وبالتالي، فرصة حصولنا على الوظيفة قد لا تكون مرتفعة في كل الأحوال. كما تذكر الدراسة أن أفضل طريقة للحصول على الوظيفة هي بناء علاقات مع أشخاص يعملون في شركات ومؤسسات في المجال الذي يهتم به الشخص، والتواصل المستمر معهم، وطلب منهم ترشيح في حالة وجود فرص شاغرة في الجهة التي يعملون بها. لذلك، تلعب مهارة بناء شبكة العلاقات دورا مهما في حصول الشخص على وظيفة أحلامه.
- اهتم بسمعتك المهنية، سواء العملية أو التي تظهر بها على مواقع الإنترنت
يفضل أصحاب العمل والقائمين على التوظيف السؤال عن الأشخاص من مصادر مختلفة، ومنها الاطلاع على نتائج البحث عن الأشخاص في الإنترنت. لذلك، فكر بإنشاء مدونة متخصصة في مجال عملك، وانشر عليها آخر الأخبار في مجالك وآرائك أو معرفتك عن المجال، كما يجب أن تهتم بحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي والمهني وأن تظهر بشكل منضبط.
في النهاية يجب أن نتذكر جيدا أن هناك فرق شاسع بين وظيفة لمجرد تحقيق المال أو المنصب المهم، ووظيفة تحقق معنى ورضا للشخص وتقربه من أحلامه الحقيقية. ولكل منا الاختيار.