كيف أتقبل عيوبي وأتسامح مع أخطائي؟
كيف أتقبل عيوبي وأتسامح مع أخطائي؟… قبول الأخطاء أمر صعب. مَن يُحب الاعتراف بالفشل؟ ومن يُريد أن يقع تحت طائلة الإدانة، الكل يهرب من ذلك، وعلى الرغم من أن الخطأ أمر وارد ويمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي مكان، لكن في كثير من الأحيان نجد أنفسنا قد كبرنا أخطاءنا مهما صغرت، وعظمنا نقائصنا مهما قلت، واستعذبنا آلامنا مهما ذقنا قساوة مرارتها، واكتفينا بمجرد الجلوس على عتبة الندم لا نحرك ساكناً، نتجرع كأس الحزن واليأس، ثم نجد أنفسنا بدون داعٍ نختبئ من أخطائنا ونتوارى من عيوبنا، على أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، بالسياق تحدثت مختصة التنمية البشرية واستشاري العلاقات الأسرية نرمين فؤاد، في حديث عن كيفية تَقبُّل العيوب والتسامح مع الأخطاء.
الأخطاء جزء من الحياة اليومية
تقول “نرمين”: لماذا لا نتقبل أخطاءنا؟ ولا نتوافق مع عيوبنا ونظل دائماً في حالة من تأنيب النفس وجلد الذات طوال الطريق، وبحسب أغلب دراسات علم النفس فمعظم الناس لا يستطيعون تقبل عيوبهم ولا يعطون الفرصة للتسامح مع أخطائهم، وذلك على الرغم من علمهم بأن الأخطاء جزء من الحياة اليومية، ولذلك لا بد من تعلُّم ثقافة الخطأ الإيجابية التي تدفع الشخص لتقبُل أخطائه والعمل على تقويمها، كما أن التماهي مع العيوب يعكس مدى احترام كل شخص لذاته وتقديره لنفسه، حيث يتولد شعور بالاستحقاق والقدرة والثقة بالذات، وهذا الأمر بالغ الأهمية للنجاح الشخصي والعملي، فالأشخاص الذين يتمتعون بتقدير الذات الصحي ويتقبلون عيوبهم هم أقل عرضة للتوتر والقلق، وأكثر إيجابية في التعامل مع المشاكل والتحديات.
توضح “نرمين” معنى التسامح مع الخطأ بأنه قدرة الناس على التغاضي عن أخطائهم وتقبُّل عيوبهم، بالإضافة إلى تقبُّل أخطاء وإخفاقات الآخرين، وهي ترى أنه لا يجب أن يُنظر إلى الأخطاء على أنها سيئة في المطلق، بل يجب أن يُنظر لها على أنها جزء من الحياة اليومية وأنها وسيلة للتعلم وسبيل للنجاح في المستقبل.
نصائح تساعدنا على تقبُّل عيوبنا والتسامح مع أخطائنا
تقبّل أن الأخطاء جزء من السلوك البشري
تقول “نرمين”: لا أحد يرتكب الأخطاء عمداً، فهي تحدث. ولذلك فمن الصواب التحقيق في الأسباب وعدم إلقاء اللوم على المسؤول عن الخطأ فقط للتخلص من المسؤولية، فمعظم الناس لا يستطيعون تحمُّل الأخطاء لأنهم يعتقدون خطأً أن الأخطاء تُشير إلى الغباء ونتيجة لذلك، لا يكشفون أخطاءهم للآخرين ويحاولون التنصل منها ولا يدركون أبداً أن الخطأ هو خير معلم بالحياة.
عالج الأخطاء في وقت مبكر وبشكل مستمر
وبهذه الطريقة ستتجنب لوم نفسك وستوقف صراع الخوف من الانكشاف أمام الآخرين، والذي تشعر أنه وصمة عار يجب الاختباء منها أو التخلص منها، ولذلك لا بد من التعامل بشكل علني مع الأخطاء والبحث في العلاقة بين الأخطاء والإبداع والابتكار.
لا تختبئ من نقاط ضعفك
لا بد أن نتقبل أن البشر ممتلئون بالعيوب وأن الكمال لله وحده لا شريك له، فنحن كبشر لسنا مثاليين، كما أننا لسنا روبوتات آلية يتم تغذيتها بالبيانات لضمان أفضل مستوى من الأداء، ولأننا بشر لا يجب أن نتوقف كثيراً أمام عيوبنا، ونحاول التنصل منها أو الاختباء منها وارتداء حُلة من المثالية تُشعرنا بالتدني إذا ما قارنها بصفاتنا (عيوبنا) الحقيقية، ومن ثمّ يجب أن نحدد عيوبنا الشخصية بحسب ما يراه الآخرون وبحسب ما نراه نحن بأنفسنا ونقارن النتائج فنرى الأمور بشكل مجرد، وفي حالة اكتشافنا لعيوب معينة اتفق عليها الجميع فإنه لا بأس أن نتحلى بالشجاعة ونعترف بها لنغيرها، أو نتحلى بالشجاعة أيضاً ونرفض تغييرها ونتماهى معها، وفي كل الحالات سيكون ذلك قرارنا الشخصي والذي يجب أن نتحمل تبعاته، ومن ثمّ سنجد السلام النفسي المفقود وسنسير في اتجاه تحقيق أهدافنا بدون عوائق.
اعترف بالعيوب والأخطاء، ولا تربط الثقة بالنفس بوصمة “فعل الصواب”
أي شخص يعترف بعيوبه فهو في طريقه للشعور بالرضا عن النفس، وأي شخص يعترف بأنه ارتكب خطأ ما فهو في طريقه إلى التعلم. لكن إذا رفضت الاعتراف بعيوبك وتنصلت من أخطائك ستجد نفسك تقع تحت طائلة مقصلة تدمير الذات، وهو ما يتسق تماماً مع حلول الحماية الذاتية المدمرة (مثل إلقاء اللوم على الآخرين مثل الوالدين أو إلقاء اللوم على الظروف والبيئة)، ومن ثمّ يجب أن يكون واضحاً لأي شخص أن الأخطاء يمكن أن تزيد من القوة، ولكنها يمكن أيضاً أن تغذي الشك العميق في الذات، والعقد تشجع على ارتكاب الأخطاء، كما أن العيوب التي لا يمكن معالجتها ستعكس مستوى معيناً من عدم الشجاعة أوقلة الإرادة، وخصوصاً في المجتمعات ذات التوجه الفردي، حيث تمثل العيوب تهديداً لقيمة الذات. وتُصبح الأخطاء معياراً لدور الفرد الاجتماعي وصورته الذاتية، ومن ثمّ يصبح الفشل أكثر خطورة والعيوب أكثر وصماً.
اسع نحو تحقيق الأهداف الصغيرة
النجاح في تحقيق الأهداف يزيد من ثقتنا بأنفسنا وقدرتنا على التماهي مع ما تفرضه الحياة من تحديات وصعوبات، وتقبُّلنا لعيوبنا واعترافنا بأخطائنا ومحاولة تغيير ما يمكن تغييره يكرِّسُ لقدرتنا على الإنجاز ويعزز شعورنا بالكفاءة والشجاعة ويزيد من ثقتنا بذواتنا، ولذلك عندما نسعى لتحقيق أهداف صغيرة أو قصيرة المدى سنتحلى بالشجاعة للمضي قدماً في بلوغ مرتبة أعلى وتحديات أكبر وهكذا.
لا تُفكر طويلاً في عيوب وأخطاء وإخفاقات الآخرين
تقول “نرمين”: وفقاً للخبراء، فإن التفكير المستمر في عيوب الآخرين ورصد أخطائهم ليس مفيداً للغاية، فهو يُعزز الفشل والخوف والقلق، والأشخاص الناجحون هم من يستطيعون إيقاف الأفكار السلبية بسرعة أكبر ويتحدثون لذواتهم بطريقة أعمق ولا يُضيعون أوقاتهم في البحث حول عيوب وأخطاء الآخرين، ولذلك فمن الأفضل دائماً أن نتصالح مع ما هو مقبول من عيوبنا ونتخطى أخطاءنا ونحاول إصلاحها ولا نحاول أبداً أن نُقحم أنفسنا في مقارنات مع الآخرين نكون نحن أول من يخسر هذه المقارنات.
بالنهاية تؤكد “نرمين” أنه يجب على أي شخص أن يستوعب ثقافة الخطأ فيرى الخطأ كفرصة للتعلم ويتأكد أن العيوب الشخصية ليست آثاماً ستلقي بنا للجحيم مما يخلق جواً من الثقة ويكرِّسُ لشعور تقدير الذات، والذي يجعلنا ننطلق لتحقيق الأهداف والوصول للنجاح
.