كلية الطب البشري – معلومات لكل مهتم بالتسجيل بهذه الكلية
الدراسة في كليات الطب البشري
كلية الطب البشري، الحلم الأكبر لغالبية طلاب المدارس، وحتى أن كثيرين ممن يقولون أنهم سيدخلون اختصاصاً آخر يحبونه ينتهي بهم المطاف في أحد الاختصاصات الطبية في حال استطاعوا الحصول على علاماتها. ولكن هل حقاً يستحق الطب هذه المرتبة والاندفاع؟ وما ثمن دخول كلية الطب البشري؟
في معظم دول العالم (خاصة في العالم الثالث) يحتل الطب البشري المرتبة الأولى من بين الاختصاصات المتنافس عليها، والمرتبة الأولى من حيث صعوبة القبول وصعوبة الاختبارات .
يعود هذا الأمر نظرياً إلى عدة عوامل:
1- الطبيب البشري سيتعامل مع الروح البشرية، مع آلام الناس وآمالهم، وهذه أمانة غالية على الطالب أن يثبت أنه مستعد لبذل كل ما لديه ليفي بمتطلباتها، أنّه جديّ في اختياره ومتحمل للمسؤولية وإثبات ذلك هو بقدرته على الحصول على أعلى العلامات وأميز الشهادات .
2- الطب البشري بحر واسع من المعلومات المتداخلة، لذا فعلى الطبيب امتلاك مهارات حفظية “ذاكرة” لتحصيل المعلومات، ومهارات الفهم والتحليل المنطقي ليستطيع استخدام هذه المعلومات كلها بالشكل المناسب للمريض الذي أمامه .
3- الطب البشري له احترام اجتماعي كبير في كافة المجتمعات .
4- للطبيب البشري عائد مادي مريح، وغالباً مستقبله مؤمن في المشافي والمستوصفات الحكومية. فهذه ميزة تريحه للغاية وتساعد طالب الطب على صب اهتمامه على علمه فقط .
5- هناك اختلاف بالخدمات التعليمية المقدمة بين الاختصاصات، فنسبياً في بلدنا طالب الطب مرتاح مقارنةً باختصاصات أخرى من ناحية مصدر المعلومة والمخابر والدكاترة الخبيرين .
من هذه النقاط السابقة يتضح سبب كون الطب هو في المرتبة الأولى في معظم المجتمعات. الترتيب السابق هو الغالب في الدول الأجنبية، وربما يختلف الترتيب أحياناً ضمن مجتمعاتنا العربية لتكون المكانة الاجتماعية والعائد المادي هما الدافع الأساسي لدخول الطالب كلية الطب، بينما يدرك النظام الجامعي الأولويات التي تتطلبها مهنة الطب لتحتل هرم الاختصاصات الجامعية .
مسيرة طالب الطب:
الطب يقسم لعدة مراحل: الدراسة الجامعية ما قبل التخرج Undergraduate ثم الدراسة ما بعد الجامعية لحيازة شهادة الدراسات العليا ومن ثم الدكتوراه في فرع معين من فروع الطب .
الدراسة ما قبل التخرج – كلية الطب البشري:
تستمر في سوريا لـ 6 سنوات، بينما تستمر لـ 5 أو 7 سنوات في دول أخرى، و4 سنوات في الولايات المتحدة (مع سنوات تحضيرية إضافية).
تقسم إلى 3 مراحل:
– مرحلة الأساسيات Basics لمدة 3 سنوات يدرس فيها الطالب العديد من المواد النظرية ذات الجانب العملي البسيط، فينتقل بين (علم الخلايا والأنسجة) و(التشريح) و(الفيزيولوجيا = علم وظائف الأعضاء) و(الكيمياء الحيوية والطبية).
كما يتم إعطاء بعض المواد التي تربط الأساسيات مع المرحلة الثانية السريرية مثل: الأدوية وعلم الأحياء الدقيقة . هذه المرحلة تدرس في الكلية بين النظري في المدرجات، والعملي التطبيقي في مخابر الكلية .
– ثم ينتقل الطالب إلى مرحلة الطب السريري، وهو الجزء الذي يتفاعل فيه طالب الطب مع المرضى لأول مرة، فيمر خلال سنتين على كامل تخصصات الطب البشري مع كثافة في المقررات.
في هذه المرحلة يأخذ طالب الطب دروساً نظرية عن الأمراض وأسبابها وآليتها الإمراضية وكيفية تشخيصها وعلاجها ثم يحصل على فرصة التطبيق في دروس عملية يومية في المشافي التابعة للجامعة.
– ويختم طالب الطب مرحلة الكلية بالسنة السادسة والتي تعتبر سنة “خبرة” يعيد فيها كامل الاختصاصات قبل أن يخضع لامتحان شامل في كل ذلك يدعى “الامتحان الوطني الموحد” والذي يجرى لكل طلبة الطب في سورية في كل الجامعات في نفس الوقت .
بعد التخرج يتم منحك شهادة طبيب عام MD يمكن أن تعمل بموجبها.
بعض التفاصيل عن الدراسة في الكلية:
– في كل فصل يوجد 5 أو 6 مواد ، كمياتها تزداد تدريجياً مع تقدم السنين .
– تتميز المواد في كلية الطب البشري بحاجتها للحفظ الكثير المشترك مع الفهم والتحليل، فدون أحدهما يصعب على الطالب أن يسير بسلاسة، وربما عائق الحفظ هو أكبر عائق للكثيرين ممن دخلوا هذه الكلية ثم انصدموا بعدم قدرتهم على مجاراة زملائهم. أما الفهم فدوره الأكبر في بناء الطبيب الناجح الذي سيستطيع التعامل مع أي موقف يواجهه في الحياة العملية، فحينها مهما كانت قاعدة معلوماته كبيرة فلن يستفيد منها إن لم يملك القدرة على الربط والتحليل.
– تتميز كلية الطب عن غيرها من الكليات بقلة الوظائف والمشاريع خلال السنة، أغلبها مهام بسيطة يتم إنجازها بساعتين أسبوعياً، ويبقى على الطالب أن يستغل وقته في الدراسة .
– مرحلة السنوات السريرية الثلاث تعتبر مرحلة الدراسة الفعلية للطب، حيث يسمح لك بزيارة المرضى وسؤالهم عن شكواهم (الأعراض) وفحصهم بالاستعانة بالمعلومات النظرية التي تدرسها، وهي فرصة ضخمة لا تتكرر لاحقاً من حيث أنك هنا طالب تملك فرصة التجريب والخطأ واستشارة الدكاترة ومناقشتهم بالحالات وهي ميزة تفقدها بعد التخرج، حيث يعتبر حينها الخطأ خطأ مهنياً تحاسب عليه .
– لديك في مرحلة السنوات السريرية أسبوعان لكل تخصص ويدعى (ستاج)، فتنتقل بعد هذين الأسبوعين لقسم آخر، ولكن يمكنك متى شئت خارج أوقات دوامك أن تدخل المشفى وتتدرب، ولكن عليك أن تعلم أنّه لن يسمح لك بالقيام بأي إجراء جراحي قبل التخرج، وتقتصر هذه المرحلة على الاستجواب (أسئلة للمريض) والفحص السريري.
– في الطب ، كلما أعطيته أكثر كلما أعطاك أكثر، فتبحرك بالمعلومات وتنظيمك لوقتك هو السر في بناء الطبيب الناجح .
فلا تخف من الطب، ولكن عليك أن تتوقع من الآن ما ستواجهه مقارنة بغير اختصاصات (طب الأسنان: زيادة مصاريف وجلسات عملية مكثفة مقابل امتحانات نظرية بسيطة، الهندسة المدنية والمعلوماتية: مشاريع عملية طوال العام والقليل من الحفظ النظري للامتحان) .لم هذا الاختلاف ؟ لأنه وكما قلنا سابقاً، الطب فيه كم هائل من المعلومات، ولا ينفع أن تدرس اختصاصاً معيناً وتترك آخر لأن جسم الإنسان مترابط بشكل مذهل، والتطبيق الحقيقي يأتي في مرحلة الاختصاص باستخدام المعلومات التي درستها على المرضى مباشرة .
كثر هم من يجدون مرحلة الكلية قليلة المتعة ومتعبة، ولكن هذا سرعان ما يتغير عندما يبدؤون الاختصاص حيث يشعرون بمتعة حقيقة، متعة العلم من جهة، ومتعة إنقاذ الأرواح وتسكين الآلام من جهة ثانية .
الاختصاص: مرحلة الدراسات العليا ثم الدكتوراه .
بعد إنهاء السنة السادسة وتقديم الامتحان الوطني يحين الوقت للتقدم للاختصاص، حيث تختار فرعاً معيناً لتدرسه حسب ما تتيحه لك علاماتك . هذه الاختصاصات عديدة جداً، من القلبية والعصبية انتهاء بالاختصاصات المخبرية (الكيمياء الحيوية والتشريح والنسج).
إن كنت تنوي إكمال الاختصاص في سوريا، فعلامة الامتحان الوطني ومعدل كل سنة قدمتها في كلية الطب البشري تحسب وفق معادلة خاصة، وبالنتيجة يكون لك معدل يخولك اختيار اختصاص ما في المفاضلة (تماماً مثل مفاضلة البكالوريا).
ويمكنك أيضاً التفكير بالاختصاص في جامعة أجنبية، وعليك حينها التقدم لامتحانات معينة في تلك الدول وإجراء مقابلات شفهية وأحياناً الاشتراك في دورة تدريبية تخصصية قبل التقدم للجامعة المرغوبة .
وقد تحتاج سنة أو سنتين حتى تحصل على قبولك في الجامعة الأجنبية، أما الاختصاص في سوريا فتبدأ فيه بمجرد حصولك على الاختصاص المرغوب في المفاضلة .
مرحلة الاختصاص تتنوع مدتها بين 4 سنوات حتى 7 – 8 سنوات . في هذه المرحلة أنت تعتبر طبيباً عاملاً ويكون لك راتب معين. وتعتبر مرحلة ممتعة تستمتع فيها بالممارسة وتكتسب تدريجياً الخبرات الطبية من الأطباء ذوي الخبرة الطويلة . وبعد إنهاء هذه المرحلة وتقديم الامتحانات الخاصة بها، تحصل على شهادة الاختصاص التي تخولك العمل باختصاصك (قلبية، هضمية، إلخ).
ولك حرية إكمال الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه، وشهادة الدكتوراه تأخذ سنتين أو أكثر، تختص خلالها بفرع تفصيلي للغاية من اختصاصك الأساسي، وحينها تنال لقب “دكتور”، فأنت طبيب من لحظة تخرجك من الكلية والآن أصبحت دكتوراً متخصصاً.
وتبعاً لمهارتك يختلف نظام حياتك بعدها، من العمل في المشافي إلى فتح العيادة إلى المشاركة في الأبحاث الطبية المختلفة .
بالنسبة للعمل: فخلال دراستك في الكلية تستطيع استشفاف مدى الجهد المطلوب في كل اختصاص، فتختار الذي يناسبك . تقسم الاختصاصات الطبية المشهورة إلى قسمين: قسم تشخيصي ودوائي (يدعى الباطنة) وهو الطبيب الذي يحدد المرض فيصف الدواء والعلاج المناسب، ويقابله الطبيب الجراح الذي يقوم بإصلاح المشاكل بالعملية الجراحية، وكل منهما اختصاص مستقل، ويوجد اختصاصات مخبرية (أشعة، تشريح مرضي، الطب المخبري) وغيرها .
وهناك بعض الاختصاصات المشهورة يجتمع فيها الباطنة والجراحة سوية (طب العيون، الجلدية، أنف أذن حنجرة، إلخ).
طبيب الباطنة نسبياً يكون مرتاحاً أثناء الممارسة والتي لا تتطلب الكثير من الجهد أثناء التعامل مع المريض، فمهمته فكرية وعقلية أكثر منها عملية، وبالمقابل الجراح يطور مهارات عملية يدوية وتكون مهمته أكثر إنهاكاً في بعض الحالات (فبعض العمليات قد تحتاج لإنجازها 8 ساعات متواصلة، وهي حالات قليلة في بعض الاختصاصات وكثيرة في أخرى كالقلبية والعصبية).
عندما تصبح طبيباً عليك أن تضع في ذهنك التالي:
– أنت لك احترامك في المجتمع فعليك رسم صورة طيبة عن نفسك .
– الأخلاق هي رقم 1 في مهنة الطب ، أي خطأ أخلاقي كفيل بأن يحرمك من شهادتك .(هنالك مجموعة من القوانين الأخلاقية المحلية والعالمية التي على الطبيب أن يلتزم بها كسرية معلومات المريض وغيرها).
– ضع دائماً في ذهنك الهدف الأسمى من الطب… وهو الهدف الإنساني .
– لا يمكنك دائماً التحكم بوقت فراغك أثناء الممارسة الطب، فقد تأتيك الحالات الإسعافية في أي لحظة حتى أثناء النوم أو العطل (يختلف تبعاً لاختصاصك طبعاً) وهذا قد يؤثر على حياتك الأسرية أحياناً.
وفي الختام، يجدر التنويه إلى أن الجامعات السوريّة هي الوحيدة التي تدرس الطب باللغة العربية، الأمر الذي له إيجابياته وسلبياته .