عملية صناعة القرار
كما تطرقنا في مقالات أخرى، ندرك أن الإنسان يعيش من خلال مجموعة قرارات تشكل حياته، وتعكس شخصيته، وقيمته، واهتماماته، وذلك نتيجة قرارات ناجحة تقوده للتفوق والتميز، وأخرى قد يخفق بها. سنتناول في موضوعنا العناصر الأساسية لعملية تكون القرار، وهي صنع القرار واتخاذ القرار.
ما الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار؟
إن صناعة القرار واتخاذ القرار يؤديان إلى غرض واحد وهو الوصول إلى أفضل الحلول، وقد يبدوان بنفس المعنى لكنهما مرحلتين مختلفتين.
صناعة القرار:
يقصد بها العملية وسلسلة الخطوات المنطقية التي تسبق القرار وتكون إحدى مدخلاته قبل تنفيذه في الواقع. وهذه الخطوات هي:
- تحديد وتعريف المشكلة أو الموقف.
- جمع البيانات والمعلومات.
- تحليل هذه البيانات والمعلومات.
- طرح الحلول والبدائل المتاحة لعلاج وحل المشكلة أو الموقف.
- تقييم كل بديل ومعرفة عواقبه.
من منظور آخر يرى البعض أن صناعة القرار عملية ديناميكية تفاعلية تمر بعدة مراحل، بداية من تحديد المشكلة وانتهاء بالتوصل إلى القرار أو البديل الصائب بما يتناسب مع الأهداف المنشودة. ويعتبر صنع القرار عملية تنظيمية مركبة وتتداخل فيها عوامل متعددة؛ نفسية، واقتصادية، واجتماعية، والظروف غير المتوقعة… إلخ. وهنا يبدو لنا أحيانا أن الاختيار بين البدائل هو نهاية المطاف في صنع القرارات، إلا أن مفهوم القرار ليس قاصرا على الاختيار النهائي فحسب، بل إنه يشير كذلك إلى ما يؤدي إلى تنفيذ ذلك الاختيار. وبالرغم من كون هذه المعلومة واضحة للبعض، إلا أننا لا نعطي هذه المرحلة حقها أحيانا، فنتخذ قرارات خاطئة.
مثال: إذا أقدمت على شراء سيارة جديدة، سوف تقوم بالتجول في معارض السيارات أو مواقع الإنترنت، وتجمع المعلومات من حيث (سعر السيارة وأسعار صيانتها، العلامة التجارية، قوة المحرك، عدد الركاب، جودة وتوفر الصيانة، استهلاك الوقود، التصميم العصري، واستخدام التقنيات الحديثة إلخ)، وبتحليل هذه المعلومات وجدت أن هناك ثلاثة أنواع سيارات تناسبك. إلى هنا تكون خطوة صنع القرار قد انتهت لتنطلق بعدها إلى الخطوة التالية وهي اتخاذ القرار.
أما في المؤسسات وفرق العمل، فتقوم خطوات صنع القرار أحيانا على جهود جماعية مشتركة ولا يقوم بها شخص واحد؛ حيث يكون هناك فريق مسؤول عن جمع البيانات، وفريق آخر مسؤول عن تحليلها، وثالث يتولى مهمة طرح الحلول والبدائل وهكذا.
اتخاذ القرار:
هو الخلاصة التي يتوصل إليها صانع القرار بعد جمع المعلومات، وتحليلها، وإيجاد البدائل والحلول. حيث أن عملية اتخاذ القرار هي اختيار الحل الأمثل بين مجموعة من القرارات المحتملة (البدائل) والعمل على التنفيذ، وهي نتاج لعملية صنع القرار.
يتضح لنا أن عملية اتخاذ القرار في أغلب الأحوال عملية اختيار بديل من بين عدد من البدائل أو الاحتمالات؛ لتحقيق أهداف معينة. وفي مثالنا السابق لشراء السيارة الجديدة، فإن اختيارك لنوعية واحدة من السيارات وشراءك لها هو خطوة اتخاذ القرار.
وعلى صعيد الشركات والمنشآت الكبرى، فإن الأمر لا يختلف كثيرا، إلا أن صانع القرار هو الشخص الذي يحدد القرار وفق شروط معينة يضعها هو ولا ينبغي تجاوزها. أما متخذ القرار، فهو الذي يختار القرار المناسب له في ظل الشروط الموضوعة مسبقا، ويقوم على تنفيذ هذا القرار دون تجاوز هذه الشروط.
ختاما:
يقوم كل منا باتخاذ العديد من القرارات في حياته اليومية، إلا أن معظم هذه القرارات قد لا تمر بعملية صنع القرار؛ إما بسبب أنها من القرارات الروتينية التي نتخذها بطريقة تلقائية، أو التي قمنا باتخاذها بطريقة متسرعة دون دراسة. ولذلك، فإن القرار ينقسم لعمليتين مختلفتين عن بعضهما صناعة القرار واتخاذه، ومن الطبيعي عند حل أي مشكلة فالخطوات الأولى هي التعرف على المشكلة وأبعادها، وجمع المعلومات عنها، وتحليلها، وإيجاد البدائل لها، وهذه الخطوات تسمى صناعة القرار وتهيئته. ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي التنفيذ والمتابعة وتسمى مرحلة اتخاذ القرار الفعلي، وبذلك يتضح لنا أن صناعة القرار تسبق اتخاذه. وأنهما مكملان لبعضهما ولا يستقيم أحدهما دون الآخر.