سلسلة مراحل الحياة من منظور التنمية المهنية – مرحلة الاستقرار
بعد أن يكون لدى الفرد الوعي الكامل بذاته – وهذا ما يحدث في مرحلة التأسيس كما أوضحنا في مقالات أخرى –فإنه يصبح أكثر استقرارا بالعمل المهني الذي يحقق له الرضا والسعادة. وعلى مدى نجاح الفرد في مرحلة التأسيس وإدراكه لذاته، فإن ذلك يضمن له السعادة والاستقرار في المرحلة التالية والتي تسمى بـ”مرحلة الاستقرار”.
خصائص وسمات مرحلة الاستقرار:
إن مرحلة الاستقرار تعد المرحلة الرابعة من مراحل الحياة المهنية للفرد، والتي تبدأ من سن 45 سنة وتمتد حتى 65 سنة، وقد أطلق عليها البعض مسمى “مرحلة الاستمرار”؛ وذلك لاستمرار الفرد في المهنة أو الوظيفة التي عمل على تأسيسها في المرحلة السابقة، في حين أطلق عليها آخرون “مرحلة المحافظة”؛ لأن الفرد يحاول الحفاظ والتمسك بالوظيفة أو المهنة الحالية ولا يسعى إلى غيرها في هذا السن. بينما أطلق عليها خلاف ذلك مسمى “مرحلة التنمية” و “مرحلة إتقان مهارات العمل”؛ وذلك للسعي الدائم خلال هذه المرحلة في تنمية وتطوير وإتقان المهارات العملية اللازمة من أجل المنافسة والحفاظ على العمل.
ومن أهم السمات البارزة التي يميل لها الأفراد خلال مرحلة الاستقرار:
- محاولة الفرد الحفاظ على ما حققه أو اكتسبه طيلة مساره المهني، ولذلك يرى العالم “دونالد سوبر” أن أغلب الأشخاص في هذه المرحلة لا يميلون نحو تغيير المسار المهني اكتفاء بما حققوه من مكانة مرموقة أو إنجاز.
- التكيف مع العمل أو المهنة والسعي الدائم لتحسين مركز العمل وأوضاعه.
- يسعي البعض في هذه المرحلة إلى تحديث المهارات اللازمة التي تمكنه من منافسة الشباب ليثبت ذاته.
ما يجب على الفرد عمله في هذه المرحلة لتحسين مستوى معيشته وتطوير ذاته
إن الوصول إلى النجاح في هذه المرحلة ليس أمرا سهلا، ويحتاج من الفرد معرفة قوته الذاتية وما يحدث خلال مراحل حياته المختلفة، لذا فإن “سوبر” بتقسيمه لمراحل الحياة المهنية يقدم الطرق الفعالة لتحسين مستوى المعيشة وتطوير الذات في هذه المرحلة، مثل:
- تقدير الذات من خلال النظر لما تم تحقيقه من إنجازات خلال المسيرة المهنية، وهذا التقدير يرفع معدل السعادة لدى الفرد.
- تحديد ما يحتاج إليه العمل أو الفرد شخصيا من مهارات وظيفية مكتسبة، والعمل على تطويرها من خلال البحث والقراءة أو الالتحاق بأي دراسة أو تدريب أو برنامج ذا صلة.
- محاولة السعي نحو الموازنة بين الاحتياجات الشخصية، مثل: العلاقة بالأسرة والأصدقاء، الحالة الجسدية والنفسية والروحانية، والتطور المهني والرؤية الذاتية. لذا على الفرد أن يقدم أفضل ما عنده لكل من هذه الاحتياجات على حد سواء، فلا يدع أي من جوانب حياته يؤثر على الجوانب الأخرى.
- اتخاذ القرارات المهنية اعتمادا على الأساليب العلمية والخبرات الحياتية التي تجعل الفرد متوقعا لما يحدث أو يترتب من نتائج إيجابية أو سلبية.
- التعرف بشكل جيد على القيم المهنية والحياتية المحركة للفرد في قراراته، والميول والاهتمامات الشخصية (راجع مقال القيم المهنية وعلاقتها بالمسار المهني).
ويمكننا القول إن الفرد في هذه المرحلة يصل إلى قمة الوعي الذاتي، والاستقرار في المجال أو التخصص المهني الذي يتوافق مع ميوله واهتماماته وقدراته ومهاراته، وبذلك يشعر بالأمن والراحة، ويصل إلى درجة الرضا النفسي والمهني.
ختاما
تعتبر هذه المرحلة بمثابة الاستعداد النفسي للاستقرار التام لما يضمن له من سعادة ورضا وراحة نفسية في مرحلة التقاعد. وعند القرب من انتهاء هذه المرحلة يجب أن يستعد الفرد لتقليص مسؤولياته ومهامه الوظيفية، والتخطيط للتقاعد من خلال وضع خطة جديدة تضم الأنشطة الترفيهية والاجتماعية والثقافية التي تسمح له بممارسة هواياته واهتماماته الشخصية وتطويرهاوالاستمتاع بممارسة شغفه.