تعرف على قسم الترجمة في الجامعات السورية
التخصصات النادرة في سوق العمل دائمًا ما تكون أجورها هي الأعلى، وأحد تلك التخصصات هو تخصص الترجمة دون شك. الترجمة من التخصصات النادرة وهذا يرجع لكونها تخصصًا لا يتمّ تدريسه بشكلٍ كامل في الهيئات الجامعية، أي لا توجد في الأغلب أقسام كاملة من البداية للنهاية تختص بالترجمة. بل أقسام تلك الجامعات تشمل بشكلٍ عام علوم اللغة، والتي من ضمنها الترجمة، فبالتالي الترجمة تحتاج إلى اجتهاد شخصيّ حتى يستطيع الفرد التمكن منها بالكامل ليصل إلى درجة التخصص فيها، ويستطيع إيجاد فرصة عمل مناسبة له.
يمكنك أن تبدأ سعيك نحو إتقان الترجمة عبر إتقان اللغات التي تُريد الترجمة منها وإليها، وهذا يمكن تحقيقه عبر الانضمام إلى هيئة جامعية تختص بعلوم تلك اللغة بعينها. في العادة يقضي البعض أعوامًا دراسيةً كاملةً في دراسة لغة واحدة فقط للتمكن التام منها، لكن إذا اختاروا أن يترجموا من تلك اللغة إلى لغة أجنبية أُخرى وليس اللغة الأم، فيجب على الطالب قضاء أعوام دراسية أُخرى في القسم اللغوي الذي يهتم بإتقان طلّابه تلك اللغة الأُخرى.
تخصص الترجمة:
في مجال الترجمة، أنت تهتم باللغة التي تُترجِم إليها أكثر من لغتك الأم، فإذا كنت تريد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، فيجب دراسة 10 مواد خاصة باللغة الإنجليزية، وفي المقابل 4 مواد خاصة باللغة العربية، وهذا بالطبع على سبيل المثال لا الحصر. لذلك، إذا انضممت إلى كلية الآداب على سبيل المثال وانضممت إلى أحد أقسامها اللغوية التي تريد التخصص فيها، سوف تجد عدد مواد تلك اللغة أكبر بمراحل عن عدد مواد لغتك الأم، لأنَّها بالفطرة لغتك الأم.
عندما تقوم بدراسة لغة ما، في البداية أنت تتعرف على الأبجدية، ثم الكلمات، ثم القواعد اللغوية لصياغة تلك الكلمات بطريقة مفهومة. لذلك، أهم شيء في الترجمة هو تمييز تلك الأساليب السردية المختلفة، ولذلك أنت تأخذ موادًا نصيّةً كثيرةً عند دراسة أيّ لغة، وكلما درست أكثر، كلما أصبحت محترفًا أكثر. لذلك، أنت تدرس في الإنجليزية الأدب الفيكتوري، الأدب المعاصر، إلخ. وفي العربية تدرس الأدب العباسي، الأدب الأموي، إلخ. وبين هذا وذاك يمكن أن تدرس بعض أنواع الأدب الأُخرى وكيف لها أن تُرجِمت إلى اللغة التي تدرسها، مما تُعطيك لمحةً عن أُسلوب تلك اللغات الأُخرى.
بجانب دراسة الأساليب الصوغية، أنت دون شك تدرس الفنيّات الصغيرة التي تجعل تلك الأساليب قويةً ورصينةً، وتلك الفنيّات تتمثل في مادتي (النحو) و(النقد). النحو بالطبع هنا أقصد به دراسة أيّ لون من ألوان القواعد اللغوية المختلفة، وهذا من أجل معرفة تراكيب تلك اللغة وكيفية التلاعب بيها لجعل الجملة تُعطي أكثر من معنى، ومن الناحية الأُخرى أنت تدرس النقد، أي تدرس أبعاد وأساسيات صنع النص اللغوي بطرق مختلفة، وكيف لك أن تقول أنَّ هذا النص معيوب أم لا، ثم تشرع في تعديله للأفضل إذا كان كذلك فعلًا.
وبين هذا وذاك أنت تدرس أشياء قد لا تنتبه إليها بسهولة، لكنها لُبّ الترجمة. مثل كيفية انتقال الجملة من اللغة الفلانية إلى اللغة الفلانية، هل سيتمّ تقديم تلك الكلمة أم تأخيرها؟ هل عند وجود هاتين الكلمتين يمكن الاستعاضة بهما من خلال كلمة أُخرى توحدهما سويًّا أم لا؟ والكثير والكثير من الصغائر سوف تدرسها بين طيّات تلك المواد الشاملة.
لماذا عليك اختيار دراسة الترجمة؟
أهم شيء يجب أن تفهمه أثناء دراسة علم الترجمة هو أنَّها فنٌ، وليست مهنةً. والفن ينبع من القلب، إنما المهنة تنبع من القوانين الجامدة، فالنصوص التي تقوم بالترجمة منها وإليها هي كيان هشّ، وليست بالكيان الصلب والصلد.
أهم العلوم نقلها العرب من الأوروبيين عبر الترجمة، وبالمقابل نقل الأوروبيون في عصر النهضة ما توصل له العرب وهكذا تستمر دورة الحياة وتنتقل سلسلة تطور الأدب والعلوم والفن عبر الترجمة من ثقافة إلى ثقافات أُخرى؛ ليكون صلة الوصل وأداة لانتشار كلّ العلوم والآداب والتكنولوجيا.
الدليل الشامل للتخصصات
مجالات العمل المتاحة:
1- العمل كمُترجم في وكالات الأخبار العالمية أو الصحف كمُترجم أخبار، أو كمُترجم فوري لدى نشرات الأخبار.
2- العمل في مكاتب الترجمة، سواءٌ كانت تلك المكاتب حكومية أو خاصة. المكاتب الحكومية للترجمة تكون نصوصها في الغالب رسميةً ويكون معدل توظيفها محدودًا، لكن المكاتب الخاصة تكون نصوصها غير رسمية، فبالتالي عددها كبير لأنَّها مُقدمة من أفراد كثيرين، مما يترتب عليه أن معدل توظيفها كبير؛ لأنَّها تحتاج لمُترجمين قادرين على ترجمة كلّ تلك النصوص وتسليمها بسرعة وكفاءة عاليين إلى العملاء.
3- مُترجم حر في أحد مواقع الترجمة الحرّة على الإنترنت، وفي هذه الحالة يجب عليك تكوين C.V أو سجل وظيفي جيّد مليء بالخبرات والشهادات كي يثق فيك العميل ويُعطيك ملفه كي تُترجمه. العمل الحر كمُترجم هو الوظيفة الشائع
هذه الأيام، لكن في الواقع تحتاج إلى صبر وطول بال.
4- ترجمة النصوص الأدبية بشكلٍ شخصي ثم نشرها في إحدى دور النشر، خصوصًا لو كانت لكتّاب معروفين، وهذا سيجعل لك اسمًا في عالم الأدب لا يقل أهميةً عن اسم الكاتب، فمن لا يعرف صالح العلماني وسامي دروبي…
مجالات الدراسات العليا:
بالتأكيد دائمًا ما توجد فرص لعمل دراسات عُليا تخصصية في مجال التخصص اللغوي الخاص بك، فيمكن على سبيل المثال أن تكون رسالتك العلمية متمحورةً حول (تأثير فلسفة التوحيد على أدب العصر الإسلامي)، وبناءً عليه إذا كانت رسالتك قويةً وجيدةً، يُمكن أن تُعيّن في الجامعة التي أنت خرّيجُها، وفي النهاية تلك الرسالة العلمية أو الدراسات العُليا التي قمت بها بشكلٍ عام سوف ترفع من قدرك بشدة في سوق العمل، سواءٌ كان حكوميًّا أو خاصًّ.