بحث عن البدل في اللغة العربية
بحث عن البدل في اللغة العربية، حيث تُعد اللغة العربية من أثرى لغات العالم فهي لغة كرمها الله سبحانه وتعالى وأنزل بها كتابه العزيز القرآن الكريم، فحين تبحث عن أصول تلك اللغة تجدها كالبحر لا ينتهى عطائه أبدًا، لما تحويه من قواعد نحوية شتى وبلاغة تفوق كل باقي اللغات لذا سُميت بلغة الضاد، ومن هنا ظهرت أهمية بحث عن البدل في اللغة العربية لما يُقدمه من صور جمالية، والذي نجده في مواضع كثيرة في القرآن الكريم وله عدة صور تُزيد المعنى إثراء وروعة في التعبير.
بحث عن البدل
يُعرف البدل بالتابع الذي على نفس متبوعه بدون وساطة، وقد اختلف فيه علماء اللغة على مدار أعوام كثيرة ومنذ زمن بعيد إلى أن استقروا على هذا المصطلح النحوي، فقد أطلقوا عليه قديمًا الترجمة والتبيين، وكانوا في بادئ الأمر لا يستطيعون التفرقة بينه وبين عطف البيان.
تعريف البدل لغًة وإصطلاحًا
- قال ابن منظور (البديل هو البدل وبدل الشيء أي غيره، والجمع أبدال).
- أصل التبديل هو تغيير الشيء عن حاله، أما الأصل الموجود فى الإبدال هو أن تجعل شيئًا مكان شئٍ آخر.
- قال الزجاجي في قوله تعالى “يوم تُبدل الأرض غير الأرض والسموات” التبديل هنا – والله أعلم – تسيير جبالها وتفجير بحارها.
- قال أبو العباس إن حقيقة التبديل هو تغيير الصورة إلى صورة أخرى، كما هو الحال في “أبدلت الخاتم بالحلقة”، وهنا أبدلت تعني أذبت الخاتم وسويته حلقة.
- أما إصطلاحًا فهو يُعرف بالتابع المنوط بالحكم بغير وساطة، ويُعد أحد التوابع التي تتبع ما قبلها في مواضع كثيرة.
- أهمها الإعراب والتثنية والإفراد والجمع، ومن ثم فإن التابع ينقسم إلى ركنان أولهما المبدل منه أو المتبوع، وهو اللفظ الذي يسبق البدل، وثانيهما البدل وهو التابع للمتبوع.
إشكالية البدل
- لحينٍ قريب لم يكن المتقدمين النحاة قد استقروا على مصطلح تعريفي للبدل، فسماه ثعلب “ترجمة” وأشار بمثال قول الله عز وجل “فذلك يومئذ يوم عسير”، فقال “يومئذ” مرافع و”يوم عسير” ترجمة يومئذ وهذا هو المصطلح الكوفي.
- أما الأخفش فقال “يسمونه بالترجمة والتبيين”، وأسرد ابن كيان أنهم يسمونه بالتكرير، وكذلك المدرسة البصرية لم تستقر على تسمية، فقد سمى سيبويه عطف البيان بالبدل ولكن المتقدمين فرقوا بين عطف البيان والبدل فقالوا فقط يُشبهه.
- وضع ابن مالك تعريفًا جامعًا مانعًا للبدل، فقال “هو التابع المنوط بالنسب دون وساطة”، ومن هنا فقد وضع ابن مالك للبدل حُدوده ومعالمه فلا يشمل ما لا يشمله ولا يدخل في ما ليس منه.
أركان البدل في اللغة العربية
للبدل ركنان أولهما المبدل منه والثاني البدل، وليس هناك أي وساطة بينهما مثل “مررت بأخيك عوف”، ففي هذا المثال “عوف” بدل عن أخيك، وهو نفسه أخيك وليس هناك أي وساطة بينهما كحروف العطف.
من هنا تمكن المعاصرين من إيجاد تعريف آخر للبدل، على أنه “تابع يدل على ذات المتبوع أو جزء من المتبوع قصد لذاته وبدون وساطة”، وبالتالي فهو يختلف اختلافًا واضحًا عن النعت والتوكيد، لأنه يُقصد لذاته لذلك فهو لا يُؤثر على تكوين الجملة إذا تم حذفه والإستغناء عنه، كما يختلف عن العطف لأنه لا يحتاج إلى وساطة تصله بالمبدل منه كحروف العطف.
أنواع البدل
البدل المطابق
وينقسم إلى عدة أنواع وهي كالتالي:
كل من كل
- هى الحالة التي يكون فيها البدل نفس (عين) المبدل منه ويساويه في المعنى.
- كمثال “جاء المهندس صلاح” فهنا البدل “صلاح” هو نفسه المبدل منه “المهندس”.
- كما في قوله تعالى “إن للمتقين مفازًا حدائق وأعنابًا” فهنا البدل “حدائق” مبدولة من “مفازًا”، وفي قوله عز وجل “إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم” فيكون البدل هنا “صراط الذين” والمبدل منه “الصراط المستقيم”.
بعض من كل
- وهي الحالة التي يكون فيها البدل جزءًا من المبدل منه، سواء كان البدل قليلًا أو مساويًا النصف أو أكثر منه.
- كمثال “جاءت القبيلة نصفها” وهنا البدل “نصفها” وهو يعبر عن جزء من المبدل منه “القبيلة”.
- كما في قوله تعالى “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا” فيكون البدل هنا “من استطاع” وهو جزءًا من المبدل منه “الناس”.
بدل الاشتمال
- وهي الحالة التي يكون فيها البدل مما يشتمل عليه المبدل منه بشرط ألا يكون جزءًا منه، ويعرفه سعد زياد بأنه البدل الذي يدل على إحدى المعاني التي يشتمل عليها المبدل منه بشرط أن لا يكون جزءًا منه.
- كمثال لذلك “نفعني المعلم علمه” فإن “علمه” هنا هي البدل وهي من ضمن ما يشمله “المعلم” أي المبدل منه، وكما هو في “أحببت محمدًا كرمه” فإن “كرمه” هي البدل من المبدل منه “محمدًا”.
بحث عن البدل المباين
لا يقع البدل المباين بجميع أقسامه في كلام وتعابير البلغاء، وإن وقع وضعوا بين البدل والمبدل منه كلمة “بل” ليدل على خطأ أو نسيان أو إضراب، وينقسم البدل المباين إلى ثلاثة أقسام وهي كالتالي:
بدل الإضراب
- هو البدل الذي يقصد متبوعه كما يقصد نفسه، ويُعرفه مصطفى الغلاييني بأنه هو ما كان في جملة قُصد منها كل من البدل والمبدل منه.
- مثال لذلك “نجح محمد عليّ” وهنا المقصد من الجملة هو الإبلاغ عن نجاح كلا من محمدًا وعليّ.
بدل الغلط
- هو البدل الذي لا يُقصد فيه المتبوع بل يُقصد فقط البدل بذاته، وهذا النوع من البدل لا يوجد في القرآن ولا الشعر بينما يكون فقط في الكلام العامي وألفاظ الناس.
- كما هو في المثال “رأيت عمرًا داره” وهنا البدل “داره” ويُقصد به دار عمر والمُبدل منه “عمرًا”.
بدل النسيان
- هو البدل الذي يُذكر ليصحح بدلًا آخر تبين بعد ذكره أنه خطأ، كمثال “سافر أحمد إلى القاهرة، الإسكندرية”.
- هنا ظهر خطأ بعد التعبير أن أحمد لم يسافر إلى القاهرة فأبدل اللفظ إلى بغداد.
أحكام البدل
يتبع البدل المبدل منه في أحكام الإعراب حيث أنه يُصنف من التوابع الخمس،ت التي تتبع ما قبلها في الأحكام العديدة كالاعراب والجمع والإفراد والتثنية، وهو يتبع المُبدل منه في الإعراب سواء مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا، ويجب الإشارة إلى أن هذه الأحكام لا تتحقق في الحالات الآتية:
أحكام التأنيث والتذكير
- ربما لا يتبع البدل المُبدل منه في بدل الاشتمال وبدل الغلط.
- مثال “أعجبني فاطمة أدبها” فهنا نجد أن لفظ “فاطمة” مؤنث “المُبدل منه”، بينما لفظ “أدبها” مذكر بدل اشتمال.
أحكام التنكير
- مثال قول الله تعالى “كلا لإن لم ينته لنسفعًا بالناصية ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئة”، فهنا تم تبديل المعرفة “بالناصية” إلى نكرة “ناصيةٍ”.
أحكام التعريف
- مثال قوله تعالى “وإنك لتهدي إلى صراط الله” فهنا تبدلت النكرة “صراط” المبدل منه إلى بدل معرفة “الله”.
مواضع البدل في اللغة العربية
يُمكن أن يتم تبديل الظاهر من الظاهر، بمعنى أنه لا يُستحسن تبديل الظاهر من ضمير إلا في حالات معينة، وهي:
- حالة أن يكون البدل “كل من كل” واقتضى الإحاطة والشمول، كمثال “تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا”، فهنا كلمة “أولنا” هي البدل من الضمير المجرور باللام في كلمة “لأولنا”.
- الحالة الثانية في بدل الاشتمال كما هو في “وما ألفيتني حلمي”، فكلمة “حلمي” هنا هي بدل اشتمال من حرف الياء في كلمة “ألفيتني”.
- يُمكن أن يتم إبدال الجملة من المفرد والعكس صحيح، مثل “لا إله إلا الله كلمة الإخلاص”، فهنا جملة “كلمة الإخلاص” هي بدل مرفوع من الجملة السابقة “لا إله إلا الله”.
- إذا جاء البدل من اسم استفهام وُجب إضافة همزة الاستفهام إلى البدل، مثل “من ذا؟ أمحمد أم زيد؟”.
- كما يُمكن للبدل أن يأتى من فعل إلى فعل، كما هو في المثال “من يصل إلينا يستعن بنا”، وفي قوله تعالى “ومن يفعل ذلك يلق أثاما”.
- يأتي مع اسم الشرط وتُضاف “أن الشرطية” مع البدل مثل “من يجتهد إن محمد وإن صلاح فأكرمه”.
الفرق بين عطف البيان والبدل
- إن عطف البيان لا يأتي مُضمرًا ولا يتبع مُفردًا، على عكس البدل الذي يجوز أن يأتي فيما سبق.
- يُشترط في عطف البيان أن يُوافق متبوعه في التعريف والتنكير لكن البدل لا يُشترط له ذلك.
- لا يأتي عطف البيان فعلًا لفعل بينما يأتي البدل كذلك.
- البدل حينما يأتي يكون هو المقصودًا بالحكم، بينما عطف البيان فلا يكون هو المقصود بل المتبوع، فعطف البيان يأتي للتابع توضيحًا له.
نجد أهمية بحث عن البدل في إظهار بلاغة اللغة العربية وإثرائها بجميع أشكاله وأقسامه، فجمال اللغة العربية يُستمد من تشعب أحكامها وأصولها لإظهار المعنى للقاريء، وكأنها لوحة مرسومة أمامه يراها بعينه المجردة، وهذا هو نهج البلغاء والأدباء، حيث يشعر كل واحدٍ منها أنه يرسم صورة بكلمات رنانة بليغة، يراها عقلك كلما قرأت تُضفي رونقًا وروعةً إلى المعاني المنشودة.