السورة التي تعدل ثلث القرآن ؟
السورة التي تعدل ثلث القرآن؟..
لكل سورة من سور وآيات القرآن الكريم ميّزة وأهميّة تجعل لها فضائل بين سور كتاب الله -عزّ وجلّ- ولعلّ ذلك دليل ظاهر على إعجاز القرآن الكريم وبلاغته وفصاحته، وأنّه صالح لكلّ زمان ومكان، ومن الأسئلة المتعلقة بفضائل السور والتي يجب على كل مسلم معرفة إجابتها: ما هي السورة التي تعدل ثلث القرآن الكريم؟
الجواب هو سورة الإخلاص
ما هي السورة التي تعدل ثلث القرآن
جاءت السُّنَّة الشريفة برواياتٍ مُتعدِّدة تُخبر بسورةٍ من القرآن الكريم تعدل قراءتها وحدها ثلثه، وهي سورة الإخلاص، فمن قرأ هذه السُّورة فكأنَّما قرأ ثلث القرآن من حيث الأجر والثَّواب.
فقد روى أبو سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قال: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ).
وفي رواية أخرى قال: (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: اللَّهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ القُرْآنِ).
إنّ الأحاديث التي تدل على أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن تُظهر أهميّة هذه السورة ومكانتها وأنّها لو كانت صغيرة من حيث عدد الكلمات والآيات إلّا أنّ لها منزلةً عظيمةً في كتاب الله تعالى، ويرجع سرُّ مكانتها وعظمتها إلى أنّها جمعت بين ثناياها أنواع التوحيد الثلاثة؛ وهي: توحيد الألوهيّة وتوحيد الربوبيّة وتوحيد الأسماء والصفات الخاصّة بالله تعالى، فهي تعادل قراءة القرآن لأجل ذلك.
معلومات عن السورة التي تعدل ثلث القرآن
سورة الإخلاص سورةٌ مكِّيَّةٌ على الرَّاجح من أقوال المفسِّرين، وقد اشتهرت تسميتها في عهد النَّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بسورة (قل هو الله أحد)، وهي في مُعظم نسخ المصاحف وكتب التَّفسير مُسمَّاةٌ بسورة الإخلاص، وهي السُّورة الثانية والعشرون في ترتيب نزول السور على النَّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، وقد نزلت بعد سورة النَّاس وقبل سورة النَّجم، وهي السُّورة رقم مئة واثنتي عشرة في ترتيب المُصحف الشّريف، وعدد آياتها أربعةٌ.
أورد الواحديّ في كتابه أسباب النّزول أنَّ سبب نزول هذه السورة يرجع إلى سؤال المُشركين للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أن يصف لهم الله تعالى، فأنزل الله تعالى سورة الإخلاص وأجابهم النَّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- عن صفات الله تعالى من خلال آيات هذه السّورة.
روى أُبيُّ بن كعب -رضي الله عنه-: (أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لرسول الله صلي اله عليه وسلم انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ”، قَالَ: فَالصَّمَدُ الَّذِي “لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ” لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا سَيُورَثُ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ، “وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ” قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ وَلَا عِدْلٌ وَ”لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ”).
ورغم صغر سورة الإخلاص، إلا أنها اشتملت على لمسات بيانية عظيمة، في قوله تعالى {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، فالناظر في تركيب الآيتيَن الكريمَتَين يجدُ أنَّ الآيات تناولت النفي في الزمن الماضي باستخدام الأداة “لم”، ولم: هي أداة تدخل على الفعل المضارع فتغيِّرُ معناه من الإثبات إلى النفي وتقوم بجزمِهِ، كما تحوِّل زمنَهُ من المضارع إلى الماضي، أيْ لمَا قالَهُ أهلُ الكتاب من افتراءٍ على الله تعالى بأنَّ له ولدًا، ولو ادَّعوا أنَّ الله تعالى سيكون له ولدٌ في المستقبل لكان النَّفي باستخدام أداة النَّفي “لن” والتي هي أداة النَّفي للمستقبل.