السلطة التربوية مفهومها و كيفية التعامل بها الجزء الاول
السلطة التربوية مفهومها و كيفية التعامل بها الجزء الاول
السلطة التربوية مفهومها و كيفية التعامل بها الجزء الاول
السلطة التربوية مفهومها و كيفية التعامل بها الجزء الاول
إننا كمربين في ميدان التربية والتعليم نتعامل بشكل خاص مع لبنات المستقبل وعماد الوطن والسياج الحديدي والقوي لحدود البلاد العربية خاصة والإسلامية عامة معتبرين أن السياسة التعليمية للدولة (كما هي الأنموذج التربوي والشرعي والإنساني بالمملكة العربية السعودية “وذلك من خلال ممارستي شخصياً لتنفيذها وتطبيقها بشتى تدريس المواد والمناهج المقررة لكل صف من الصف الأول الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الثانوية لمدة 21 عاماً بالمملكة العربية السعودية الشقيقة) هي الإطار الذي يتعامل به المدرس بعمله كقوة حامية له وسنداً قوياً له خلال عمله واستحقاقه لراتبه الشهري ثم عند تقاعده للمكافأة المجزية التي يستحقها.
ثم حبذا أن يتم التنسيق التربوي والزيارات الميدانية بين مدرسي الدول العربية لتبادل الخبرات وتلاقح الأفكار والتدريس العملي بين معلمي البلاد العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل خاص وذلك ضمن الإعارات الرسمية بين وزارات التربية والتعليم وعدم الاكتفاء على الخبرات الوطنية بكل دولة، مما يتيح المحاورة والمناقشة بين المعلمين العرب ثم بالتالي يتحقق حلم المعمين العرب بتوحيد المنهاج العربي الموحد لجميع الدول العربية مما يشعر كلا من المعلم والطالب (أن لا حدود وهمية بين القلوب العربية في سبيل الرقي والتقدم إلى الوحدة العربية الشاملة وكما كان الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – يسعى إلى التضامن الإسلامي الكامل.
فهؤلاء الأطفال من تلاميذ صغار (يعتبرون بالمفهوم والتعامل التربوي عجينة لينة ومثل الصلصال بيد نفس التلميذ) يعتبر المدرس هو الأمين الأول والوالد الروحي لهؤلاء التلاميذ فعليه أولاً وقبل التفكير بمقدار أو موعد الراتب الشهري أن يعتبر أن هؤلاء التلاميذ أمانة في عنقه مراعياً قول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء : 58) فيجب أن يشعر بقرارة نفسه أن أهل هذا التلميذ وضعوه في ايد أمينة حقا وبذلك يكون الوالد قد احضر التلميذ من بيته وهو مطمئن بكل الاطمئنان النفسي أن ولده خارج البيت في مكان أمين عن كل حادث أو ضرر جسمي بتاتا والأهم أن امه ووالدته وحتى أجداده المقيمين معه في البيت يعتبرون أن هذا المدرس يقوم بتغذية هذا التلميذ غذاء روحيا لا يوجد عن أهله بالثلاجة أو بالمطبخ أو حتى بالسوبر ماركت المجاور إلى اقرب ما يكون من بيتهم جميعاً.
ولكن هناك يجب على الجميع توجد ضوابط أساسية لعدم الفلتان من حدود المدرسة أو حتى الغرفة الصفية، ويجب على الجميع يعتبر أن المدرس (ملك الفصل) وأن كل عمل أو واجب أو معاملة شرعية وإسلامية بما لا يخالف مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، هو من أساسيات وأخلاق وقوانين وأنظمة التربية والتعليم في كل دولة بل قل (ان المعلم سلطان له حرية السلطة التي يجب أن ينفذ نظام التربية والتعليم وتحقيق الأهداف القريبة والبعيدة من كامل ومجمل العملية التربوية، حيث أن الطالب محور العملية التربوي وكذلك المدرس هو جوهر العملية التعليمية) فلا بد من كافة أفراد المجتمع يعتبرون ان هذا التلميذ عبارة عن طائر لا ولم ولن يمكن أن يطير أو ينجح من صف إلى صف أعلى إلا بتعاون الجناحين معا وهما البيت والمدرسة معاً، فعلى أهل البيت من الوالد والوالدة والإخوة والأخوات والأجداد يعتبرون جميعا ان هذا المدرس (مهما كانت جنسيته أو عمره أو لونه) هو عبارة عن عضو من هذه الأسرة يعلم ابنهم العلم النافع المفيد ولكن بشكل جماعي وفي مبنى معروف يسمى المدرسة، وقد قال الخليفة الثالث ذو النورين (عثمان بن عفان) رضي الله عنه : (إن الله ينزع بالسلطان ما لم ينزع بالقرآن) وسنرى فيما يلي ما معنى السلطة التربوية وأهدافها وأساليب ومبررات تحقيقها لتتم العملية التربوية بنجاح كامل، وبذلك نحق جميعا مقيل الحقيقة القائلة (من ملك التربية فقد ملك المستقبل).
تلعب السلطة التربوية دوراً أساسياً في إنجاح عملية التربية فتعتبر من أصعب المهام التي قد يتولاها الفرد وتتطلب قدراً من الصبر والذكاء لكن الإشكالية تكمن في ضبابية مفهوم السلطة وعدم القدرة على اكتناه مضامينها الإنسانية والاجتماعية فممارسة السلطة لا يعني أبداً في كل الأحوال تسلطاً وجبروتاً بل يحتاج إلى ذكاء وخبرة فنجاح التربية السليمة أساسها الشعور بالأمن والاستقرار والثقة حتى نساعد في خلق نمو نفسي سليم عند أبنائنا وتنشيط للمدركات العقلية عندهم.
فنجد علماء النفس اليوم منهم من أدان أسلوب التسلط على أنه يشكل واحدة من أبرز وأخطر المشكلات التربوية التي تعيق النمو النفسي للطفل والتي تؤدي إلى ردود بالغة سلبية عندهم ومنهم من دعا إلى توظيف المنهج التربوي الداعي المربين إلى توظيف فعال للسلطة التربوية في تربية ناشئة للأطفال، لكننا ومن خلال ما نلاحظه أن المربين غالباً ما يقفون في حيرة من أمرهم فهم لا يستطيعون تحقيق التوازن التربوي فيلجئون إلى ممارسة العنف الذي يمارس ضدهم والذي يتنافى مع الحب والاحترام يؤدي إلى جروح وجودية تنال من كرامة الطفل وظهور اضطرابات نفسية لديهم، فهؤلاء الذين ينتصرون لفكرة التربية من غير سلطة نقول بانه ليست بحد ذاتها هي السبب في بناء العقد النفسية عندهم وإنما تنشأ العقد نتيجة لغياب الحب الضروري لعملية نموهم، فإذا كانت مشاعر الحب والحنان ضرورية من أجل حماية الطفل من أي اضطرابات قد يتعرض لها فإنه يمكن للسلطة أن تسهم بقسط كبير في إطار هذه العملية، فالسلطة تفرض على الطفل قواعد الحياة الصحية والعقلية بل أنها في الوقت نفسه تمنحه الإحساس العميق بالثقة في قوة المربين وحمايتهم، فهذه دعوة لتصحيح مفهوم السلطة وإدراك بأن أساسها الحب والتسامح ويجب إن تكون في مكانها الصحيح ووقتها المناسب للحصول على أفضل النتائج في العملية التربوية أمر لا جدال فيه مع أخذ الطفل بعين الاعتبار لأن الأطفال يقدرون عالياً أهمية السلطة من المربين ويأتي هذا التقدير نتاجاً طبيعياً لحال الضعف الفيزيائي وغياب النضج العقلي عندهم.
■ إشكالية ممارسة السلطة التربوية بين المنظور التقليدي والمنظور الحديث.
من الأشياء التي ما زالت محط جدل ومماحكة داخل المنظومة التربوية مسألة السلطة للأهمية التي تحظى بها لدى عدد من رجال التربية و علم النفس التربوي والاجتماعي حيث تعتبر الهاجس القوي من بين باقي الإشكالات التي تواجه المجتمع الإنساني، فإذا كانت مسألة السلطة تفرض ذاتها كوسيلة ناجعة أحياناً في حقل التربية وأداة فاعلة لدى أي مربي فإلى أي حد يمكن توظيفها وإلى أي حد يمكن تجاوزها ؟
مما لا شك فيه أن ممارسة السلطة التربوية لها أبعاد سلبية على نفسية أي طفل إذا مورست بشكل عشوائي وبالتالي إلى تأسيس مجموعة من العقد التربوية على مسار الطفل خلال حياته بصفة عامة، لهذا السبب انشق تيار تربوي يدعو إلى نبذ التشدد في الممارسة التربوية وعدم فرض أي نوع من العقاب سواء كان جسدياً أو نفسياً أو لفظياً بترك الطفل على حريته دون تدخل من المربي حتى لا يتهدم البناء النفسي والتربوي عند هذا الطفل، في حين أن فرقاً تربوياً آخر اتجه عكس ما اتجه إليه الفريق الأول بدعوته إلى توظيف السلطة التربوية رغم ما يقال بصددها لما تؤديه من دور فاعل في تربية النشء لأن الطفل إذا ما ترك على حريته الكاملة، فمع مرور السنوات سيصعب ضبطه وبالتالي توجيهه، إلا في حالات استثنائية خاصة، وفق نمط معيشي ووسط محيط عائلي جد سليم.
وبين كل هذه الاتجاهات ومن ضمنها النظريات التي تغزو مجموعة من الكتب والمراجع التربوية والنفسية والتي في أغلبها تدين الأسلوب السلطوي وتجمع على كونه أهم الركائز التي تعيق مسيرة النمو لدى الطفل وتجعل دوره جد سلبي على المستوى التربوي والنفسي والاجتماعي، تبقى التجربة والمراس هي الكفيلة بوضع ممارسة هذه السلطة وتأثيرها على الطفل من خلال المربين والأساتذة الذين يعايشون يومياً معاناة حقيقية في هذا الباب بعيداً عن التنظير أو الحلقات الفارغة التي لم تأت بنتيجة لهم، فالمربي أو الأستاذ يقف موقف الحيرة من أمر العديد من الأطفال والتعامل معهم بعد تجربة العديد من الطرق والنظريات، حيث أن أغلبهم يرون أن ممارسة السلطة لا تعني التسلط أو القمع أو فرض الجبروتية بقدر ما هي ممارسة تحتاج لنوع من حسن التعامل بطريقة الخبرة واستعمال الحيلة والذكاء، لنه من الممكن أن تتحول السلطة في هذه الحالة إلى نوع من التسامح والتعلق والترابط العلائقي المتين بين الطفل والمربي، فالتربية لا تنبني على المفهوم الخاطئ لسلطة المربي بل على أساس الذكاء الذي ينطلق من المحبة فالمربي الناجح الذي يستطيع فرض سلطته الذكائية على أطفاله من منطلق الحب للمهنة التي يمارسها وحبه للأطفال هو الذي يستطيع إشعارهم بوجوده وعدم الإعراض عنهم والمعاملة بطريقة غير قاسية بتحديهم والاستعلاء عليهم والقبض عليهم بيد من حديد لأن المربي العدواني لا يولد إلا تلاميذ بتصرفات أشد عدوانية شأنهم في ذلك شأن غيرهم من البشر سواء كانوا من المتعثرين دراسياً أو من المتفوقين، فعلى المربي أن يكون على وعي كامل بالظاهرات الشخصية البينية والسيرة على نفسه عند مخاطبته لتلامذته لأنها من الأساسيات التي تطور العواطف الإيجابية لديهم وبذلك يمكن أن نجعل من احترام الحرية الداخلية للفرد أداة تشكل المنطلق الأساسي لممارسة السلطة التربوية التي لا يمكن للتربية أن تكون بدونها، أما السلطة التي يجب أن تنبذ وتحارب هي تلك التي تبثر الحب وتحوله مقتاً وعداء تترتب عنه عدة أعراض وخيمة على الطفل أهمها العقد النفسية لأننا نكون قد قتلنا كرامة الطفل ووجوده كذات وشخصية متواجدة ضمن محيط قابل للتأثر بأقل القليل من الأحداث أبسطها الإهمال والتقصير.
وحسب اعتقاد العديد من المربين أن الطفل في حاجة إلى سلطة الراشد لكونها فعل تربوي طبيعي وضرورة حيوية لوجوده الاجتماعي وضمان الإحساس له بالأمن الفيزيائي والعاطفي وقد أكدت التجارب الميدانية على أن المربي أو الأستاذ الذي يفرض سلطته على الأطفال يلقى من جانبهم الحب والتقدير عكس الذي يتركهم وشأنهم، فالطفل في حاجة إلى هذا الأمن للمحافظة على توازنه الوجودي وهذا هو هدف التربية الأساسي الذي يطمح إلى تحقيق الرصانة الأخلاقية والتماسك الانفعالي عند الأفراد، وبدون سلطة مبنية على أسس من الذكاء وحسن التعامل لا يمكن غرس القيم الأخلاقية في نفوس الأطفال، وشعور الطفل بالقوة والسير على طريق الرشد عارفاً أن الإرادة القوية الناجمة عن السلطة تعزز إرادته الشخصية في حال الضعف والقصور، ليبقى عامل فرض الحب أولاً على الطفل وجعله يحبك هو المفتاح الأسمى لفرض هذه السلطة بدون تخوف لأنه تبين من خلال التجارب أن الأستاذ أو المربي الذي ينال حب الأطفال وتقديرهم هو الوحيد الذي يستطيع أن يؤثر فيهم ويستطيع أن يعمل على تطوير ذكائه وتوجيهه بالسلطة التي يراها مناسبة له، لأن طبيعة الطفل القابلة للتأثر بقوة حساسيتها البريئة لا تجيد ممارسة السلطة التربوية التي يشتكي منها أغلب المربين، فالسلطة التربوية الحديثة تتنافى قطعاً مع كل ما هو قسري لكونه يتنافى مع النمو والازدهار، فالسلطة المرغوب فيها هي سلطة العاطفة القائمة على مبدأ الاحترام والتقدير على أساس أن لا يطغى عليها جانب الذاتية والتداخل بين شخص المربي وما عليه.