التعليم و دوره في تكوين الشخصية المهنية
في الماضي كان يركز الآباء على ادخار المال وتأمين أساسيات المعيشة لأبنائهم وكذلك تعليمهم صنعة تنفعهم، ولكن في القرن الواحد والعشرين اختلف منظور العديد من الوالدين وأصبح لديهم وعي بأهمية الاستثمار في أبنائهم من خلال توفير أفضل أساليب التعليم. فأصبحت العملية التعليمية إحدى أولويات الأسر، وأصبح قرار اختيار المدرسة ونوع التعليم قرار يشغل تفكيرهم. ومن جهة أخرى، تركز المؤسسات التعليمية سواء الحكومية أو الخاصة في تطوير جودة التعليم المقدمة للطلاب لتواكب مهارات القرن الواحد والعشرين.
مع كل هذا الاهتمام بالعملية التعليمية، يجب أن نسأل أنفسنا: هل أصبحت العملية التعليمية هدفا أم وسيلة؟
التعليم النظامي في حد ذاته لا يجب اعتباره هدفا مستقلا، بل هو وسيلة تهدف إلى مساعدة الطلاب على زيادة معارفهم، وادراكهم وصقل شخصياتهم، والتعرف على ملامح مستقبلهم المهني، وربط ما يقومون بدراسته داخل المدرسة بالواقع. باختصار، دور العملية التعليمية هو إعداد الطلاب للمستقبل الذي من خلاله يستطيعون أن يكونوا من الأعضاء الفاعلين في مجتمعهم وبما يتناسب مع أحلامهم وميولهم.
كيف نحقق الاستفادة القصوى من العملية التعليمية إلى جانب دراسة المواد الأكاديمية؟
أصدرت الجمعية الوطنية الأمريكية للتنمية المهنية مجموعة من القواعد الإرشادية في عام 2007م لوضع أهداف كل مرحلة دراسية بهدف مساعدة الطلاب في اكتشاف وتكوين شخصياتهم المهنية بفعالية أكثر.
أهداف المرحلة الابتدائية: اكتشف شخصيتك وحياتك المهنية
- اكتشاف نمط التعلم وتوظيفه في العملية التعليمية
لدى كل طالب رغبة في التعلم واستكشاف البيئة من حوله، ولكن هناك من الوالدين والمعلمين من يعتقدوا أن كل الطلاب والأبناء متساوون في الإمكانيات وتفضيلات التعلم ويعتمدون على منهجية تعليم واحدة. هنا يفقد الكثير من الطلاب شغفهم للتعلم. في هذه المرحلة يجب الاهتمام باكتشاف شخصية الطالب وتفضيلات التعلم لديه وتوجيهه لأنشطة وطرق تتماشى مع نمط تعلمه، مثال: طالب يفضل التعلم من خلال المناقشة مع زملائه والتفكير التعاوني، وطالب آخر يفضل التفكير الفردي والوصول إلى نتائج ثم مشاركتها مع زملائه، وطالب آخر يفضل التجربة العملية مثل دخول المعمل وتجربة الأشياء بنفسه.
- أهمية الوعي بالمسارات المهنية خلال مراحل التعليم المختلفة
“الوظائف والمهن من حولنا في كل مكان” هذا هو الشعار الذي اقترحته الجمعية القومية للتنمية المهنية ليضم مجموعة من الأنشطة المدرسية بهدف تعريف الطلاب بمعنى كلمة مسار مهني، مثل: تنظيم يوم العمل بالمدرسة وتقديم عروض عن الوظائف، أو أخذ الطلاب في زيارات لمصانع ومستشفيات وجهات عمل؛ لتعريفهم على الوظائف والأدوار المختلفة في الحياة.
أهداف المرحلة المتوسطة: اكتشف شخصيتك المهنية وكن جزءا من الحياة المهنية
- اكتشاف الميول المهنية
المرحلة المتوسطة هي بداية التعرف على شخصية الطالب المهنية من خلال اكتشاف ميوله المهنية ومنطقة الاهتمامات الخاصة به. كلما تم اكتشاف الميول مبكرا، ساعد الطالب على اتخاذ القرار بناء على رؤية سليمة، وتحديد اختيارات دراسية، وأنشطة طلابية تتناسب مع ميوله.
- اكتشاف المسارات المهنية
بتشجيع الطالب على استكشاف المجموعات المهنية أو ما يعرف بمجموعات الاهتمام التي تتناسب مع ميوله؛ وهم مجموعة أصدقاء أو زملاء يشاركونه نفس الاهتمام أو نشاطات معينة. وبالإضافة إلى تشجيع الطالب للاشتراك في أنشطة طلابية والالتحاق بالتدريب الصيفي حتى تساعده هذه الأنشطة على التعرف على واقع العديد من الوظائف لاكتشاف مدى تماشيها مع ميوله وقيمه المهنية.
أهداف المرحلة الثانوية: خطط لحياتك المهنية
- تطوير مهارات التخطيط المهني
المرحلة الثانوية هي مصدر ضغط كبير على كثير من الطلاب والأسر، حيث يجد الطالب نفسه أمام مسارات متعددة يجب عليه اتخاذ قرار للسير في أحدها. لذلك، المرور بالمراحل السابقة يجعل اتخاذ القرار في هذه المرحلة سهل. وهنا يجب على الطالب تعلم مهارات التخطيط لحياته ومساره المهني كجزء من حياته.
- فهم طبيعة عملية التنمية المهنية
عملية التنمية المهنية هي عملية مستمرة تتضمن دائما وعيا ذاتيا أعمق. وبالتالي يجب التحلي بالمرونة في الأهداف ومراجعة الخطط بشكل مستمر بناء على تغيرات سوق العمل والظروف المحيطة.
وهنا بعض الرسائل لجميع الطلاب لتساعدهم على بناء شخصياتهم المهنية المستقلة:
- أنت شخص مميز ولديك شخصية فريدة تؤهلك للعب دور فعال من ضمن مجموعة من أصدقائك ومجتمعك
- شخصيتك المميزة تؤهلك للقيام بالعديد من المهام والأدوار ويجب علينا التعرف على هذه الأدوار
- أنت صاحب القرار، والمحيطون بك (مثل: الأسرة والمدرسة والأصدقاء) دورهم لمساعدتك في اتخاذ قرارك فقط
- لا يوجد اختيار واحد هو الأنسب لك، أنت شخص متعدد المواهب والقدرات ويجب أن تضع بدائل متعددة ولا تتمسك بقرار واحد دون دراسة البدائل.
- أنت شخص واعي وتستطيع التخطيط لحياتك، ورسم صورة واضحة لأحلامك المستقبلية، ولديك الإمكانيات الشخصية التي تمكنك من تحقيق أحلامك