الاهتمامات المهنية وأهميتها في تكوين الذات
قد يعيش الإنسان عشرات السنين وهو لا يدري حقيقة ذاته بوضوح، أو لم تكتمل رؤيته لنفسه، فلو أن كل شخص عرف ذاته وإمكاناته وقدراته واهتماماته بشكل عميق لزالت مصاعب كثيرة وزادت فرصته في الإبداع. من هنا ابتكر العالم “جون هولاند” نموذجا ساعد به الملايين إلى الوصول لسر الإبداع في الدراسة والعمل، وهي “نظرية الاهتمامات المهنية” وهي التي تكشف لك الكثير من الأسباب التي تساعد على الوصول إلى الإبداع في المسار المهني.
تعريف الاهتمامات أو الميول المهنية وأنواعها
الاهتمامات: هي حب الفرد وانجذابه نحو عمل أو نشاط ما واستعداده لبذل أقصى الجهد والاستمرار فيه لأطول فترة ممكنة.
الميول المهنية: شعور داخلي بالسعادة والرضا عند القيام بأداء عمل أو نشاط معين أو مجموعة من النشاطات.
أوضح “هولاند” أن حب البشر وميولهم للأعمال لا يخرج عن ستة مناطق من الاهتمامات المهنية، تأتي على الترتيب: الاهتمام الواقعي، الاهتمام الباحث، الاهتمام الفني، الاهتمام الاجتماعي، الاهتمام المبادر، وأخيرا الاهتمام التقليدي (النمطي). ولذلك فهو يربط الاهتمامات المهنية بشخصية الأفراد.
كيف تتكون الاهتمامات المهنية؟ وكيف يمكن تنميتها؟
يرى “هولاند” أن الأفراد يحظون بمهاراتهم الشخصية من خلال مزيج من العوامل الوراثية والبيئة المحيطة، وكذلك اختيارهم لمجال العمل أو الدراسة يكون نابعا من هذا المزيج، وهذه الاهتمامات ومهاراتها يعمل الآباء وغيرهم من الكبار بقصد أو بدون قصد على تطويرها وتنميتها لدى الأطفال من خلال التعزيز الإيجابي أو السلبي. كما أن الأفراد أنفسهم يسعون للحصول على القدرات أو المهارات أو القيم التي تدعم اهتماماتهم.
يرى “هولاند” أنه وبمرور الزمن واستمرارية أنواع العمل الذي يقوم به الناس، وكذلك تطلعاتهم المهنية سوف تصبح هذه الاهتمامات مع التقدم في العمر أكثر ثباتا، ومع ذلك فإن التعزيزات الإيجابية في فرص التعليم أو الخبرات الوظيفية الجديدة تحدث تغيرات على مهارات الفرد.
كيف يتم اكتشافها؟
يمكن للأفراد الاستعانة بمستشار متخصص في التطوير المهني للمساعدة في تحديد الاهتمامات من خلال التقييمات المخصصة لذلك، بالإضافة إلى تجربة نشاطات مهنية متعددة ينتج عنها إظهار بعض الاهتمامات المهنية.
مبادئ نظرية الاهتمامات المهنية
من المبادئ الأساسية لنظرية “هولاند”:
- لكل فرد مجموعة من الاهتمامات تتألف من اثنين أو أكثر من مناطق الاهتمامات الستة المذكورة أعلاه: الواقعي، الباحث، الفنان، الاجتماعي، المغامر، التقليدي.
- يتم تكوين بيئة العمل بحسب النشاطات والتفاعلات التي تنتج عن مجموعة من الأشخاص، وتقع هذه النشاطات ضمن الاهتمامات المهنية الستة.
- يرغب الأفراد الذين لديهم نفس الاهتمامات المهنية بالعمل في بيئات تحتوي نشاطات قريبة من الاهتمامات لهؤلاء الافراد.
- إذا استطاع الفرد أن يجد بيئة متناغمة مع اهتماماته المهنية فإنه يصبح أكثر رضا وإنتاجية.
ومن الأفكار الرئيسية والفرضيات التي طرحها “هولاند” أن كل البشر يوجد لديهم الاهتمامات المهنية الستة ولكن بنسب مختلفة. كما أنه لا يوجد اهتمام أفضل من اهتمام آخر، ولكن يوجد توظيف لاهتمام أفضل من توظيف اهتمام آخر.
هذا ويشير “هولاند” أن لكل اهتمام بيئة تلائمه، لذلك فإن الفرد يتجه وينجذب للمهن أو الدراسات التي تسمح له بممارسة اهتماماته المهنية ومهاراته وقدراته وتشبع احتياجاته وقيمه، ولهذا نجد إنتاج الفرد أعلى بكثير حين ينسجم مع البيئة الملائمة لميوله واهتماماته كما تحقق له الرضا المهني، وتيسر له نموا مهنيا منسجما ومتسقا.
ختاما، يرى “هولاند” أن الصعوبة الحقيقية التي يواجهها الفرد في اختياره لمهنته هي عدم معرفته لذاته ولبيئة العمل؛ لذا فهو يقرر أن الدقة في اختيار الوظيفة هي ناتجة عن معرفة الذات ومعرفة المهن والبيئات من حوله.