استراتيجيات اتخاذ القرار
مقدمة في استراتيجيات اتخاذ القرارات
اتخاذ القرار الصحيح ليس مضمونا في عالم يتغير من حولنا أسرع مما نظن، ورغم أننا نحرص جميعا وندقق في اختياراتنا وقراراتنا إلا أن الفرص تنسحب من تحت أقدامنا، فنندب الحظ والظروف والمواقف والأشخاص أحيانا. هذا ولم يعط بعضنا المساحة الحقيقية لنفسه لفهم طبيعة الاختيارات والقرارات، خصوصا القرارات الكبرى. فاختيار التخصص والمجال قرار. اختيار الوظيفة الأولى قرار أيضا وتغيير الوظيفة يعتبر قرار مصيري.
لذلك من المنطقي طرح السؤال: هل نعي ما دور استراتيجيات اتخاذ القرار وكيف تؤثر عليك في هذه العملية؟ سنتطرق هنا إلى الاستراتيجيات بشكل أساسي وعدة توجيهات وفقا للاستراتيجيات المتبعة.
الفرق بين الاستراتيجيات والأنماط
قد تتداخل الاستراتيجيات والأنماط في نتائجها، ويعرف نمط اتخاذ القرار أنه الأسلوب المتكرر الذي يفكر به الإنسان ويحركه خلال عملية اتخاذ القرار؛ فهو تركيبة داخلية فطرية للشخصية الإنسانية، ليس فيها نمط أسوأ أو أفضل من نمط آخر في كل الأحوال، بينما الاستراتيجية تميل على أنها طريقة أو آلية التنفيذ التي توضح لك خطوات اتخاذ القرارات، وهناك استراتيجية أفضل من غيرها. وتعد الأنماط والاستراتيجيات لاتخاذ القرارات وجهان لعملة واحدة.
استراتيجيات اتخاذ القرارات
في الحقيقة لكل منا طريقته الخاصة التي ينفذ بها قراراته، والتي قد تضيق أو تتسع طبقا للمعطيات الواقعة، والظروف المحيطة، والرغبة الحقيقية في الذات، وعادة ما يتخذ الأشخاص إحدى هذه الاستراتيجيات:
- تأجيل اتخاذ القرار إلى أقصى وقت ممكن، مع العلم بأهمية اتخاذ القرار (المماطلة)
- اتخاذ أول قرار يظهر على أنه القرار المنطقي، دون النظر إلى أي معلومات أخرى (الاندفاع)
- تترك القرارات لما تؤول إليه الظروف لشعورك أنك لست المسيطر على حياتك إنما هو القدر (ترك القرار للقدر)
- بذل الكثير من الجهد للحصول على كافة المعلومات، ودراستها والتفكير في كل الحلول والبدائل إلى الوصول إلى درجة الإجهاد مما يحد من القدرة على اتخاذ القرار (التألم والإجهاد)
- تفضيل ترك القرار لمن هو أكثر خبرة أو إلى أحد أفراد الأسرة (التوافق)
- أخذ القرار بناء على ما نشعر تجاهه بالراحة (الحدسي)
- لتخطيط والقيام بوضع نظام للبحث عن المعلومات واعتبار كافة الاحتمالات، وتأثير كل احتمال، ووضع بعض المعايير التي تدمج التفكير مع المشاعر إلى أن أصل إلى القرار الأفضل (التخطيط)
حلل بنفسك ما هي استراتيجيتك المفضلة والغالبة عليك عند اتخاذك القرارات، ثم انظر مدى تأثيرها على حياتك بكل صورها من دراسة وعمل وأسرة.
نصائح عند اتباع استراتيجيات اتخاذ القرارات المختلفة
1- استراتيجية المماطلة: اسأل نفسك ما الذي يجعلك تحجم أو تتردد في اتخاذ القرار؟ إننا كثيرا ما نعجز عن التوصل إلى قرار لمجرد خوفنا من ارتكاب خطأ، ولكن القلق الناتج عن التردد أو الخوف أحيانا أشد ألما من ارتكاب الخطأ بحد ذاته، فاتخاذك القرار أفضل من عدمه، لأنه يكسبك الجرأة والشجاعة، ويتيح لك فرصة التقييم بعد الخطأ. امض! فإن أخطأت فالخطأ تجربة جديدة، وزاد لك في المستقبل.
2-استراتيجية الاندفاع: يقال “في العجلة الندامة وفي التأني السلامة”. ولا نقصد بذلك البطء الشديد، ولكن الوسطية والتوازن هما الأساس في اتخاذ القرار.
إن أفدح أخطائنا في اتخاذ القرارات تعود إلى الإهمال في جمع المعلومات الصحيحة. فقبل أخذك أي قرار قم بواجبك، واجمع كل ما تحتاج إليه من معلومات، واستشر من حولك ممن لديهم حكمة وخبرة ومعرفة؛ لأنك بذلك تختزل عامل الوقت، وتجمع عقولا إلى عقلك، فقد نتجاهل أحيانا بمفردنا الحقائق الأساسية التي من الممكن أن تؤدي إلى تغيير القرار، أو في طريقة تنفيذه. المعلومات عامل هام في وضعك على الاتجاه الصحيح، وربما الخاطئ لذا عليك الانتباه فأنت طبيب نفسك.
3-استراتيجية ترك الأمور لما ستؤول إليه (ترك القرار للقدر): قد تركن إلى الراحة بحجج داخلية غير صحيحة وتترك الأسباب التي أمرنا باتخاذها، لكن لابد ألا تدع الحياة تفلت منك بسبب تشبثك بفهم غير صحيح للقدر، فمن القدر أيضا أن تتخذ خطوات جادة للوصول إلى أهدافك.
4-استراتيجية التألم وإجهاد النفس: لا تثقل كاهلك بمعلومات كثيرة ثم لا تضعها موضع تنفيذ، ولكن تحرك وخذ خطوة إلى الأمام، وضع وقتا لجمع المعلومات، ووقتا آخرا لبدء التنفيذ، فإن لم تتخذ قرارا فسيصبح كل جهدك هباء منثورا، ولا بأس أحيانا أن تتخذ قرارا مؤقتا ريثما تجمع معلومات إضافية تتيح لك اعتماد قرار بديل، وقد تبقي على قرارك المؤقت فتجعله نهائيا.
5-استراتيجية التوافق: أي أنك تتبع غيرك في كثير من القرارات. لكن يجب أن تعلم أن لكل إنسان أسلوبه الخاص، فلا تقلد أحدا دون علم ومعرفة! كما أن آراء الناس دائما مختلفة؛ فإن استشرت أحدا أعطاك رأيا، وإن استشر آخرا أعطاك رأيا مخالفا وهكذا، فليكن لك أسلوبا وبصمة فريدة. فلا أحد يعرف مصلحتك أكثر من ذاتك، لا تدع سواك يقرر عنك، بل يجب أن تفكر لنفسك وأن تكون ذاتك. ويجب معرفة أنه من لا يملك القرار، لا يملك حياته، ولذلك يجب أن تكون لديك إرادة خاصة بك تتخذ بها قراراتك من دون أن تكون تحت رحمة آخرين.
6-استراتيجية اتباع الحدس: إن العواطف ليست موضوعية دائما، فليس كل ما نرتاح إليه هو الأفضل لنا، فعليك البحث والتحليل بشكل موضوعي وعدم الثقة الزائدة بحدسك الذي قد لا يصيب في قرارات حساسة؛ لذلك التحوط بالمعلومات والإدراك أفضل من اتباع الحدس بشكل مستمر.
7-استراتيجية التخطيط: وصولك إلى أفضل قرار يقتضي أن تنفذه، والتنفيذ يحتاج إلى المتابعة والتقويم، واعلم أنه ليس المهم اتخاذ القرار فحسب، فما بعد اتخاذ القرار مرحلة هامة ايضا. وهذه الاستراتيجية تعتبر أفضل استراتيجية في كثير من الأحيان.