ابو حيان التوحيدي مولده و نشأته
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
ابو حيان التوحيدي – ابو حيان التوحيدي
أبو حيّان التوحيديّ
يُعَدُّ من أبرز الأدباء والفلاسفة في القرن الرابع الهجريّ، ويُعتبَر أيضاً من مُجدِّدي ذلك العصر و رُوَّاده في الأدب، والتصوُّف، وقد امتاز بسَعَة ثقافته، و حدّة ذكائه، وجمال أسلوبه التعبيريّ اللغويّ وتنوُّعه، وامتازت مُؤلَّفاتُه بذلك أيضاً؛ إذ إنّها غزيرة المُحتوى، ومُنوَّعةُ الأسلوب والمضامين، وقد كان التوحيدي حريصاً على حضور مجالس العلم، والفكر، والفلسفة، والأدب، وحريصاً أيضاً على التواصُل مع أدباء زمانه، وعلماء عصره.[١]
اسمه علي بن محمد بن العباس التوحيديّ البغداديّ، وقد غلبت كنيتُه اسمَه فاشتهر بأبو حيان التوحيديّ، وقد قيل إنَّ أصله من شيراز، أو من نيسابور، وأمّا سبب نسبته إلى التوحيد؛ فيرجع ذلك إلى أنّ أباه كان يبيع نوعاً من التمر في العراق، يُقال له تمر التوحيد.[٢]
المَولِد والنشأة
وُلِدَ أبو حيّان التوحيديّ في مدينة بغداد عام 310 للهجرة، وقد نشأ يتيماً بعد أن تُوفِّيَ والده، وانتقل ليرعاه عمُّه الذي كان يقسو عليه ويُعنِّفه دوماً، وعمل في الوِراقة إلى أن اشتدَّ عوده، حيث كان ينسخ الكتب ويبيعها للقراء حتى احترف هذه المهنة، وباتت رافداً أساسيّاً له في حياته، وعلى الرغم من أنّها لم تكن تلبّي احتياجاته، إلا أنَّها أضافت له الكثير من المعارف، والثقافة الموسوعيّة، وجعلته واسع الاطِّلاع على النّتاج المعرفيّ لعصره، وللعصور التي سبقَته، وهي أيضاً لم ترضِ طموحَه، فحاول أن يحترفَ مهنةً أخرى، حيث تواصلَ مع كبار المُتنفِّذين في عصره عسى أن يرتقيَ لمهنةٍ ترضي طموحَه الواسع، إلّا أنّه لم يلقَ منهم الردَّ الذي تمنّاه؛ فزادت نِقمَتُه على عصره ومُجتمَعه، وعلى الرغم من أنّه كان واسع الاطِّلاع والطموح، إلا أنَّه كان أيضاً سيِّىء المِزاج، ، وكثير الاعتداد بنفسه، وقد حالت هذه الصفات بينَه والعديد من مَساعيه.[٢]
أخذ أبو حيان علمَه بعدّة طُرُق ساهمَت في تراكُم خبراتِه ومعارفه، وذلك بالسؤال، والمُشافَهة، ونزولِه للبادية، فأخذ الفلسفة عن مدرسة الاسكندريّة، ولازَمَ كبارَ علماء عصرِه؛ ليتعلَّم النحْو، والأدب، والعلوم الشرعيّة، وقد حاولَ أن يسيرَ على خطى الجاحظ في الأسلوب التعبيريّ، واعتبرَه البعض مُتفوِّقاً على الجاحظ، وتعلَّمَ أيضاً من الثقافة اليونانيّة، فكان يَقرَأ كتبهَم من بعدِ ترجمَتها للعربيّة، وكان يرى أنَّ الفنَّ من أهمّ خصائص الإنسان المُفكِّر؛ إذ إنَّ الفنَّان يُحاكي الطبيعة التي خلقَها الله وأبدعَها أيّما إبداع، والفنّ يُعبِّر عن مَكنون مشاعر الإنسان، وأفكاره، ورغباته، وهو بذلك يكون قد ترجمَ ما بداخل الفنان من أحاسيس، وانفعالات.[٣]
مصنفات أبي حيان
للتوحيديّ العديد من المُصنَّفات والكُتُب، منها ما وصل إلينا وتمَّ نشره بعد طِباعته، ومنها ما لم يُطبَع ولم يصل إلينا، وفي ما يأتي ذكرٌ لتلك الكتب التي تمّ نشرها:[٤][٥]
كتاب الإمتاع والمُؤانَسة
وهو من أمتع وأنفع كتب التوحيديّ، ويُعَدُّ من المَصادر الثمينة التي ساهمت في الاطِّلاع على البيئة الاجتماعيّة، و البيئة الثقافيّة، والبيئة الفِكريّة التي كانت سائدةً في عصره.
كتاب البصائر والذخائر
وفيه مجموعة من الحِكَم، والنوادر، و الشعر، والتاريخ، واللغة، والتصوُّف، كان قد جَمعَها التوحيديُّ ممّا قرأَ وسمع، في خمسة عشر عاماً.
كتاب المُقابَسات
يحتوي هذا الكتاب على أكثر من مئة اقتباسٍ من الحِوارات التي عايَشَها التوحيديُّ بين العلماء، في موضوعات شتّى، وقد غلبَت فيه الصِّياغة الأدبيّة الرفيعة.
كتاب الهوامل والشوامل
وهو يتيح لك الاطِّلاع على المسائل التي شغلت عصر التوحيديّ؛ حيث احتوى على عدد من الأسئلة في مجالات الأدب، واللغة، و الفلسفة، وقضايا المُجتمَع النفسيّة، والأخلاقيّة، والمَعرفيّة، والاجتماعيّة.
كتاب أخلاق الوزيرَين
وقد ألَّفَ هذا الكتاب على إثرِ خصومةٍ له مع الوزيرين: ابن العميد، والصاحب بن عبّاد؛ حيث أخذ يَصِفُ فيه حالَ الوزيرين ويهجوهما، حتى عُدَّ هذا الكتاب من أشهر ما قالت العَرَب في الهِجاء، وهو تحفةٌ أدبيّةٌ خالِصةٌ، وقد تعدَّدت أسماء الكتاب، مثل: مثالِب الوزيرَين، وذمّ الوزيرَين.
كتاب الإشارات الإلهيّة والأنفاس الروحانيّة
تضمَّنت صفحات هذا الكتاب خلاصة تجربة أبي حيّان التوحيديّ في الورع والتصوُّف، واحتوى على الترميز في تعابيره، بالإضافة إلى الكثير من الإشارات الدلاليّة، وهو كتاب يُعَدُّ من أبرز كتب التصوُّف والأدب.
وله أيضاً بعض الكتب والرسائل، ومن أهمّها: الصداقة والصديق، ورسالة في علم الكتابة، ورسالة الحياة.
مصير كتُب أبي حيان ووفاته
عبَّرَ التوحيديّ في كتبه عمّا يعانيه من كَدَر، وما يَجرَح فؤاده من حرمان ويأس، فكان يَعتصِر ألماً وحزناً من شدة الفقر، وضيق العيش، وقسوة الناس ومجافاتهم له ولعلمه الذي دوَّنه في كتبه، إلّا أنّه لم يستمع لشكواه أحد، ولم يكترث لحاله قريب ولا بعيد؛ فبلغ به اليأس مَبلغاً عظيماً، ولم يَعُد يطيق الصبر أكثر على جفاء الناس له، وعدم تقديرهم للعلم الذي كتبه، والجهد الذي بذله، والمَشقَّة التي عاناها، فجَمَع كتبَه وأحرقَها كلَّها، وقال حينها: “إنّي جمعت أكثرها للناس لطلب المثالة منهم، ولعقد الرياسة بينهم، ولمد الجاه عندهم، فحُرِمْتُ ذلك كله… لقد أمسيتُ غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النِّحلة، غريب الخِل، مُستأنِسًا بالوَحشة، قانِعًا بالوحدة، مُعتادًا للصمت، مُلازِمًا للحَيرة، مُحتمِلًا للأذى، يائِسًا من جميع ما ترى”[٥]
وقد لامَه الكثيرُ على ما فعله في كتبه، فردّ عليهم ردّاً يُفسِّر فيه ما عاناه منهم، وما جازاهم به حينها، وأوردوا أنّ هناك غيره من الأدباء والعلماء الذين سبقوه لمثل هذا الفعل، فمنهم مَن ألقى كتبَه في عُرْض البحر وهو وداد الطائيّ، ومنهم من دفن كتبه في باطن الأرض وهو أبو عمرو بن العلاء. وعلى أرجح الأحوال فقد تُوفِّي الأديب والفيلسوف أبو حيّان التوحيديّ عام 414 للهجرة، وذِكْره اليوم لا يزال حاضراً وله هَيبَته؛ وتبعاً لما وصل إلينا من علمِه وكتبِه، فقد أحرز مكانةً وضعَته في الصفوف العليا لأرباب الأدب، واللغة، والفلسفة في عصور الازدهار التي خَلَت.[٥][٣]