أهم ستة أسئلة اسألها قبل أن تتجه إلى المجال الصحي
ينجذب العديد من الشباب إلى العمل في مجال صحة الإنسان بسبب طبيعته التي تخدم الناس وتساعدهم، وللمكانة الاجتماعية التي يمنحها للعاملين فيه. كما أنه المجال الثاني في عدد الفرص الوظيفية المتوفرة. لكنه – وكما في كل التخصصات – لا يناسب الجميع. وهنا يأتي السؤال: كيف لي أن أعرف أن العمل في هذا المجال مناسب لي؟
بداية دعني أسأل: ما المحفز لك للدخول إلى المجال الصحي؟
قد يكون الرغبة في مساعدة الناس، وقد يكون المال فهذا المجال يقدم فرص وظيفية مغرية مادياً، وقد يكون بسبب حبك للمواد العلمية وحرصك على وصول أعلى المراتب في مجال علمي متخصص، وقد يكون بسبب صديق الوالد الجراح الذي يحتل مكانة اجتماعية مرموقة. مهما كان السبب، ما يهمنا هو أن يكون محفزك واضحا لك. أما انا فأعتقد أن هناك أموراً ستة هي التي يجب أن توجه قرار انضمامك للمجال الصحي:
أولاً: هل تحب مساعدة الآخرين وخدمتهم؟
الميول نحو (اجتماعي) – حسب تقسيمات الميول المهني – قد يكون من أكثر السمات أهمية للعمل في معظم – وليس كل- مهن هذا المجال. إن استمتاعك بالتواصل مع الناس وتقديم يد العون لهم والتعاطف معهم من أهم متطلبات النجاح في العديد من المهن الصحية، مثل التمريض وطب الأطفال، والعلاج الوظيفي والطبيعي والتأهيل وغيرها كثير. لكن في الوقت نفسه هناك بعض المجالات التي لا تنطوي على احتكاك مباشر أو مستمر مع المريض، مثل المختبرات الطبية وعلم الأمراض (الباثولوجيا) والأشعة والأبحاث الطبية، وهنا تقل أهمية هذا العامل.
ثانياً: هل أنت جاد في الدراسة وطلب العلم؟ هل تحب القراءة عن جسم الإنسان خاصة؟
تتطلب غالبية المهن الصحية بناء خلفية علمية قوية في مجال تخصصك. يجب أن تتأكد من أنك طالب علم جاد وحريص فهذا من عوامل النجاح المهمة. كما يجب أن تستمتع بالقراءة عن جسم الإنسان وفي المجالات الصحية بشكل عام.
كما يجب أن تتذكر أن التعلم في هذا المجال لا يتوقف عند تخرجك من الجامعة، إذ يجب أن تكون مستعداً للتعلم الدائم والنمو المستمر. إن المهمة الأساسية لممارسي العمل الصحي هي تقديم أفضل رعاية ممكنة للمريض. وهذا المجال بالذات يتطور بشكل مذهل، ولذلك فإن الحرص على الدراسة والتعلم المستمر ومتابعة كل جديد فيه هو متطلب في غاية الأهمية.
ثالثاً: هل تمتلك هذه السمات والقدرات؟
على الرغم من أن لكل تخصص صحي مجموعة من القدرات والسمات المطلوبة له إلا أن معظم – وليس كل – مهن هذا المجال يشتركون في بعض القدرات والسمات العامة التي من الجيد أن تتأكد من أنها موجودة لديك.. هذه أهمها:
- امتلاك الجدية في العمل اليومي، والالتزام، والإخلاص، والمثابرة، وبذل أقصى جهدك
- مهارات متقدمة في التواصل مع الآخرين
- وجود شعور بالمسؤولية وأخلاقيات عالية في العمل حيث تتعامل مع جانب مهم وحساس من حياة الإنسان
- الشعور بالارتياح للتعامل مع العديد من الأشخاص ممن ينتمون لخلفيات متنوعة
رابعاً: هل تشعر بالارتياح في بيئة العمل في هذا المجال؟
- هل تشعر بالارتياح لقضاء وقتك في المستشفى أو في مركز صحي صغير أو في عيادة خاصة؟
- هل تشعر بالارتياح لقضاء وقتك بصحبة المرضى أو المعاقين أو كبار السن؟
العمل في هذا المجال يتوزع بين العمل في مراكز الرعاية الصحية أو المستشفيات، أو العيادات الخاصة، أو حتى منازل المرضى. كذلك، قد تعمل في مدينة كبيرة أو صغيرة أو في القرى والهجر فالرعاية الصحية مطلوبة في كل مكان.
خامساً: هل تجيد العمل ضمن فريق؟
مما لاشك فيه أن شفاء المريض يعتمد بدرجة كبيرة على نجاح جهود كل فرد في الفريق الطبي – وعلى قدرته على التعاون والتواصل مع باقي أفراد الفريق. فحتى أطباء الأسنان ممن يعمل 70% منهم في عيادات خاصة يتعاونون مع العديد من الممارسين الطبيين الآخرين. إن ارتياحك للعمل ضمن فريق عامل مهم لنجاحك المستقبلي بمشيئة الله تعالى.
سادساً: ما هو نمط الحياة الذي ترغب فيه؟
- ينطوي عمل بعض العاملين في هذا المجال (وليس كلهم) على مواجهة الحالات الحرجة والطارئة والمواقف الصعبة بحزم وثبات، هل تتقبل ذلك؟ مع ملاحظة الاستثناءات هنا كما في بعض التخصصات (الباردة) التي لا تتطلب هذا النمط من الحياة اليومية مثل العمل في الصيدليات أو المختبرات أو المعلوماتية الطبية.
- من المشهور عن هذا المجال أنه يتطلب العمل لساعات طويلة إلى درجة النوم في المستشفى بعيداً عن الأهل في بعض الأحيان، وتحمل مسئوليات كبيرة وما يصاحب ذلك من ضغط نفسي مستمر. هل تتقبل ذلك؟
- كما أنه من المشهور عنه تطلبه للعمل بنظام المناوبات حيث ستضطر في كثير من مهنه للعمل في الليل والناس نيام في بيوتهم! هل تتقبل ذلك؟
ختاماً: حرصت هنا على تقديم مفاتيح عامة وسريعة لمساعدتك على اتخاذ قرار الانضمام إلى المجال الصحي.. لكن هذا لا يكفي.. يجب أن تسأل أكثر بالتحديد عن التخصص الذي تنوي الالتحاق به، فلكل تخصص خصوصيته، كما سيكون من الجيد أن تقوم بحضور بضع ساعات أو أيام مع أحد المتخصصين في المجال الذي تفكر فيه في مكان عمله حتى تستوعب هذا المجال بشكل أفضل وهنا سيخبرك قلبك هل هذا المجال مناسب لك ام لا. وفي كل حين، لا تتوقف عن طلب الهداية من الله عز وجل أمام هذا القرار.