أساليب التنشئة الاجتماعية الحديثة
أساليب التنشئة الاجتماعية الحديثة
بحث الكثير من خبراء التنشئة والمربين عن أساليب التنشئة الاجتماعية الحديثة العلمية Socialization، حيث تتشابك أطراف المسؤولية الاجتماعية في تنشئة الأطفال وتكوّين فكر الإنسان بصفة عامة، فإن الطفل يطبع بطابع والديه ومن ثم معلمته وأصدقاءه.
ليخرج إلى العالم الأكبر ويجد الأشخاص المختلفين من حوله ليكتسب منهم الأخلاق وطبيعة رؤيتهم للحياة، وتصرفاتهم، ومن ثم يُصبح يعتقد في بعض الأفكار ويعتنق التقاليد التي شبّ عليها
أساليب التنشئة الاجتماعية الحديثة
إن التنشئة الاجتماعية هي التي تُعرّف بأنها؛ العملية التي تُعنى بالنظُم الاجتماعية، حيث تؤثر في الفرد لتجعله شخص اجتماعي يسهُل دمجه في المجتمع، وبالتالي يُصبح بإمكانه التفاعل والتفاهم مع باقي أفراد المجتمع سواء الأسرة أو أعضاء المجتمع الواحد.
إذ أن التنشئة الاجتماعية هي التي تسعى لضبط الأطفال من حيث السلوك والمستوى الأخلاقي والعلمي وتعليمهم التقاليد والعادات بحيث يُصبح بإمكانهم التعامل مع كافة أنماط وفئات المجتمع الذي يحيا فيه.
كما تُعرّق التنشئة الاجتماعية بأنها الطرق التربية التي يُنفذها الآباء والأمهات حرصًا منهم على تصحيح سلوك الأطفال.
فيما يُمكننا تسليط الضوء على أساليب التنشئة الاجتماعية من خلال السطور التالية:
- تقديم الدعم النفسي الأسري للأطفال، يجعل منهم أشخاص قادرين على اتخاذ القرارات وواثقين في انفسهم، بالإضافة إلى جعلهم أشخاص غير قابلين للاستدراج من قِبل الجماعات الإرهابية أو ذوي الأفكار المُتطرفة.
- تدعيم الطفل نفسيًا يجعل منه شخص سوي على الصعيد النفسي، حيث إن المحبة والعطاء والعطف والمساندة هي أحد ابرز أساليب التنشئة الاجتماعية التي تجعل الطفل مُستقر وثابت في انفعالاته، إذ انه يشعر بالدعم الكامل من أسرته.
- الشعور بالدفء والحنان من أفراد الأسرة إزاء الطفل يجعل منه شخص صالح وقابل للتفاهم مع الآخرين، فلا يحقد ولا يحسد ولا يكن الحقد والغلّ في قلبه للآخرين؛ فهو لا يشعر بالحرمان العاطفي أو إنه ينقصه أي شيء، لذا يتعامل بطريقة مرنة ويتفهم الآخرين.
- فإن التفاهم والتواصل والحب والقدرة على الاستماع إلى حديث الطفل هي من أهم أساليب التنشئة الاجتماعية الحديثة التي تهدف إلى بناء شخص واعي وقادر على التفاهم ومحبة الآخرين والتسامح.
- كما أن أهم أساليب التنشئة التي يغفلها البعض أن هي التي تعتمد على محبة الدين واعتناق التقاليد المتسامحة مع الغير والمُتقبلة للجميع.
أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة
- فيما يرى علماء النفس وأخصائيو التربية في كافة أنحاء العالم أن التدليل والإفراط في الاعتناء بالأطفال وتوفير كل طلباتهم على الفور ومن دون سعي منهم للحصول عليه يجعل منهم أشخاص غير قادرين على العمل.
- حيث إن من أبرز أشكال أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة الإفراط في التدليل والحماية من الآباء والأمهات هي التي تتمثل في؛ التمسك بالطفل وعدم الرغبة في فراقة أو تركه بعيد عنهم، التدليل والاهتمام الزائد، توفير كافة الطلبات التي يرغب فيها.
- الانبهار الزائد بما يقوم به الطفل من أفعال مما يخلق بداخله الغطرسة والشعور بأنه أفضل من الأطفال الآخرين.
- السلوك العدائي الذي يتولد عند الأطفال من أبرز السلوكيات الخاطئة التي تنتج عن أساليب التنشئة الاجتماعية؛ حيث إن الطفل يكتسب تلك السلوك جراء التعرض للمشاهدة المستمرة لأفعال الوالدين العدائية إزاء الآخرين، فلا ينتبهون إلى أقوالهم وأفعالهم أمام الأطفال، مما يجعل العدوانية مبدأ ينتهجه الأطفال تجاه الأطفال الآخرين فتكثُر المشاحنات بين الطفل وزملاءه في المدرسة ويدخل في دوامة الصراع مع المدرسة وزملاءه.
- قد يتعرض الأطفال للعديد من المشكلات النفسية نتيجة العقوبات التي تقع عليه سواء بالضرب أو التوبيخ أو المنع من المصروف اليومي، أو الخروج، فيما تُعتبر من أساليب العقاب الغير مُستحبة، كما أنها لا تتفق مع أخلاقيات ديننا الحنيف الذي أمرنا بالإحسان ونهانا عن الغِلظة فقد قال الله تعالى في سورة آل عمران بالآية 159 “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”.
أساليب التنشئة الاجتماعية الغير سوية pdf
توجد العديد من أساليب التنشئة الاجتماعية الغير سوية التي تؤثر على الطفل سلبًا والتي نُعددها فيما السطور التالية، وذلك وفقًا للدراسات التي جاءت في أساليب التنشئة الاجتماعية الاجتماعية الغير سوية منها
- تربية الطفل على عدم الاهتمام بكيفية الحصول على متطلباته وتركها على الوالدين، فيما يجعل الطفل يعتمد على الآباء والتوكل عليهم في كل أموره، مما يجعله شخص اتكالي، ومتواكل لا يريد العمل ولا النجاح، كما يفتقر إلى المرونة وغير قادر على التخطيط للمستقبل ولا تتولد لديه الرغبة في الشعور بالنجاح.
- ترك الوالدين للطفل من دون توّجيه للقيام بالصلاة أو المذاكرة مما يجعله شخص بلا هوية ولا دين ولا انتماء للأسرة ولا الوطن، فيخلق منه شخص سلبي.
- عدم الانصات للطفل وسماع احتياجاته وما يريد وما يرغب فيه، من أكثر الأمور التي تتسبب في خلق المشكلات النفسية الجسيمة التي تظهر فيما بعد في تعاملاته مع أفراد أسرته وأصدقاءه ومعلميه.
- ترك الأسرة وإهمالها للاهتمام بالطفل على الصعيد النفسي وتوفير الدعم المادي، وعدم إعطاءه المكافآت وحتى قول المديح المناسب في الوقت المناسب من قِبل الأسرة.
- تشتُت آراء الآباء في تصرفاتهم وعدم فهم ما يقومون به أو يرغبون في حدوثه، يجعل من الطفل شخص مشوش وغير قادر على التركيز وتحديد موقف ثابت لهم، وبالتالي هو بالمثل لا يستطيع الحُكم على الآخرين وتصرفاتهم.
أساليب التنشئة الاجتماعية في الأسرة pdf
- إن الأسرة هي العامل الرئيسي للتنشئة الاجتماعية للطفل، إذ يكتسب منها الحب والكره ويتعلم منها كيف يُسامح وكيف يغفر أو العكس كيف يغضب ويثور على أبسط الأشياء في حياته.
- مما يجعل الحنق ينال منه ويقع فريسة في براثن الاكتئاب والتوتر والقلق، ولا يعلم كيف يصبر أو يقنط.
- لذا يبحث المربيين والأساتذة والأمهات عن أبحاث تختص بـ” أساليب التنشئة الاجتماعية في الأسرة” والتي تسهم في زيادة الوعي .
العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية
تنقسم العوامل المؤثرة على تنشئة الأطفال إلى العوامل الداخلية والخارجية، فيما يوجد في قسم العوامل الداخلية للتنشئة الاجتماعية الدين والأسرة والوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسرة، والمستوى التعليمي.
فيما تضم التنشئة الاجتماعية الخارجية عدد من المؤسسات التعليمية والأصدقاء وثقافة المجتمع، فهيا بنا نتعرّف على تلك العناصر المؤثرة في تربية أطفالنا.
العوامل الخارجية المؤثرة في التنشئة الاجتماعية
تتضمن العوامل الخارجية المؤثرة في التنشئة الاجتماعية كالمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، والرفاق، ووضع النظام السياسي والاقتصادي السائد في المجتمع، ودور العبادة، نتناولهم بالتفصيل في السطور الآتية:
مؤسسات التنشئة الاجتماعية
- يقع العبء الأكبر في التنشئة الاجتماعية على الأسرة ومن ثم مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
- فيما تُعتبر الحضانة والمدرسة والجامعة هم المؤسسات المنوطة بزرع الأخلاق في الأطفال وما يعتنقونه من أفكار، إلى جانب رصد تفاعلهم مع الأصدقاء.
- كما يأتي دور دور العبادة المتمثلة في الجامع والكنيسة في بناء الأفكار والمعتقدات والقيم الصحيحة للأطفال وتربيتهم على المحبة والعطاء والتسامح، مما يمنحهم القدرة على تقبُل الغير وتفهم الديانات الأخرى في ذات المجتمع، مما يحد من الفتن الطائفية التي تنشأ في المجتمعات.
الإعلام ودوره في التنشئة الاجتماعية
- يُعتبر الإعلام من الأدوات الهامة التي تسهم في التنشئة الاجتماعية إذا كانت صالحة وتهدف إلى إصلاح المجتمع وتسعى إلى ترسيخ القيم والتقاليد والأخلاق في أخلاق الأطفال.
- فيما تُعتبر سلاح هدام في حالة إذا لم تتبنى آليات الإصلاح توجيه الرأي العام إلى ما يُشتت تفكير المجتمع وتسليط الضوء على الثقافات والعادات والتقاليد التي لا تتفق مع عاداتنا وتصديرها بصورة المثالية للأطفال، مما ينتج عنه أطفال غير منتمين إلى عادات المجتمع الشرقي متجاهلين الأسس والعادات والتقاليد العادلة التي تتفق مع سمو وطهارة أخلاق ديننا الحنيف.
- لذا فإن للإعلام دور بارز في تحقيق أهداف التنشئة الاجتماعية والرُقي بالأفكار وتنوير العقول وتقديم الحلول وتوفير متطلبات المجتمعات العربية في النهضة والتقدم بوضع أجندة إعلامية هادفة لإصلاح المجتمع وتنوير العقول.
الرفقة وتأثيرها في التنشئة الاجتماعية
- يتأثر الأطفال ببعضهم البعض، فقد قال القدماء” اختر الرفيق قبل الطريق”، فلولا تأثيره المباشر على الصديق لما خرجت تلك المقولة إلى النور.
- حيث إن الأطفال يقلدون بعضهم البعض في الأقوال والأفعال والحكي، بالإضافة إلى طريق التصرفات، فيرصدون بعضهم البعض ويتبارون في الأفعال من حيث الجرأة، والخروج عن المألوف لكي يتمكنوا من الظهور في أوساط الطلاب، خاصةً في المدرسة، والجامعة.
- لذا فيجب على الآباء والمعلمين رصد كافة تصرفات الأطفال والتعديل منها وتقويمها لكي لا تنتشر الأخلاقيات الذميمة التي انتشرت في مجتمعاتنا مؤخرًا، سواء بالتطاول على أولياء الأمور والاستخفاف بهم من قِبل الأطفال أو المعلمين، وهذا يتنافى مع ديننا وتقاليدنا.
العوامل الداخلية المؤثرة في التنشئة الاجتماعية
توجد العديد من العوامل الداخلية المؤثرة في التنشئة الاجتماعية والتي من بينها الأسرة، والدين والطبقة الاجتماعية، والمستوى التعليمي للأسرة، فهيا بنا نتعرّف على دور كل منهم فيما يلي:
الأسرة كمؤثر في التنشئة الاجتماعية
- أشار العالم بليز إلى أن هناك بعض المتغيرات التي توجد في الأسرة تؤثر على التنشئة الاجتماعية؛ حيث جاء من أبرزها حجم الأسرة، بالإضافة إلى المشاركة وعملية الاتصال ومدى ترابط كل تلك العناصر مع بعضها البعض.
- إذ أنه كلما صغر حجم الأسرة كلما أصبح من السهل ممارسة التنشئة الاجتماعية الصحيحة بأساليب قويمة.
- كما يبرز دور الأسرة في تبنيها للمُثل العُليا وترسيخ المبادئ العامة والأخلاقيات بالإضافة إلى تربية الطفل على الأخلاق الحميدة، كما تعمل على ترسيخ مبدأ التواصل الفعّال مع الآخرين من خلال التواصل والمشاركة مع أفراد الأسرة أثناء الصلاة أو تناول الطعام .
الوضع الاقتصادي والاجتماعي
- يُعد المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسرة هو من العوامل الداخلية المؤثرة في تنشئة الطفل وسلوكه.
- فيما أثبتت الدراسات أن المستوى المادي للأسرة يؤثر على شخصية الطفل وتفاعلاته.
نوع الطفل يؤثر في التنشئة الاجتماعية
- يُعتبر نوع الطفل سواء الذكر أن الأنثى من المؤثرات الداخلية التي تجعل التنشئة تختلف؛ إذ أن تنشئة الذكر في المجتمعات الشرقية تختلف عن الفتاة.
- حيث تنشئ الفتاة على فكرة التأهيل للزواج وتربية الأطفال، بينما في المقابل ينشأ الذكر على تحمُل مسؤوليات الأسرة، وتفويضه في القيام بالمهام الكبيرة التي تتطلب الجهد والعقل والقيادة.
- لنجد أن تلك الأفكار تختلف من مجتمع إلى أخر، ومن زمن إلى أخر في ذات المجتمع، فنجد أنه في عصرنا هذا باتت الأسرة تلتفت إلى ضرورة تعليم الفتاة القيادة والثقة في النفس لحماية نفسها في المستقبل.
نوع العلاقات الأسرية كمؤثر في التنشئة الاجتماعية
- تُحدد العلاقات الأسرية الحالة النفسية للطفل، إذ انه يتأثر بشكل كبير من العلاقة التي يراها فيما بين أمه وأبيه، فإذا كان يسودها الاستقرار والتفاهم آل ذلك إلى هدوءه النفسي.
- فقد أوضحت الدراسات أن السعادة الزوجية بين الزوجين هي التي تؤدي إلى تماسك الأسرة وبالتالي تنشئة الطفل بشكل سليم.
- فيما يجب أن نُلقي الضوء على أن تلك العوامل سواء الداخلية أو الخارجية هي التي تسهم في تحقيق الهدف المنشود منها في تنشئة الأطفال قادرين على التفاهم والتفاعل مع الثقافات المختلفة مثلما لفتت الملكة رانيا في عدد من الأحاديث الصحفية بأنها تُربي أبناءها مُنتهجة الأساليب التربوية، إذ أنها تُعلمهم السعي للحصول على ما يرغبون فيه، وكيفية تقبُل الآخرين.
أساليب التنشئة الاجتماعية في الإسلام
اعتمد الإسلام على أساليب التنشئة الاجتماعية التي تبني أبناء صالحين يتحلون بالدين والخُلق الحميد، وفقًا لما جاء في القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة، فيما يبحث التربويون والآباء والأمهات عن أبرز تلك الأساليب، لذا نستعرضها فيما يلي:
- إذ أن القرآن الكريم أرشدنا إلى الطريق الصواب بقوله تعالى في سورة النحل بالأية 125 “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ”، فإن في معاملة الأطفال بالنُصح والحنو والرفق هو طريق التنشئة الصحيح.
- فيما يُعد أيضًا وجود القدوة الحسنة في حياة الأبناء من الأمور التي تجعلهم يكتسبون الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة، وشغف الوصول إلى ما وصل إليه الشخص القدوة، وما أجمل أن يكون الأب قدوة حسنة في حياة الابن، وأن تكون الأم قدوة حسنة في حياة الأم، وكذلك بالنسبة للمعلم والمعلمة فلابد أن يكونا قدوة حسنة.
- كما لا تخلو عملية التنشئة الاجتماعية من الترهيب والترغيب، حيث إن الترغيب يعتمد على أن يحب الابن الأخلاق الحميدة والتقاليد والعادات، وفي المقابل لا يستقيم الأمر في حالة خروج الطفل عن مساره وخرج عن الطريق المستقيم بأفعال تُنافي الأخلاق والتربية فإنه يحتاج إلى الترهيب في هذه الحالة.
- حيث تعتمد التربية والتنشئة في الإسلام على مبدأ الثواب والعقاب، فيُكافأ حين يفعل الصواب ويُعاقب الطفل في حالة الخروج عن المسار.
- وكذا فنجد أنه من أبرز أساليب التنشئة الاجتماعية في الإسلام هي؛ أسلوب الحكي؛ فإن أكثر ما يُفضله الأطفال هو الاستماع إلى القصص التي تجذب الآذان وتُحفظ الأذهان للتفكير، وتُكسبه خبرات وتجعله أكبر في مداركه وأكثر قدرة على تفهُم من حوله.
- إذ يتوجب على الراوي أن يجذب انتباه الطفل بحكاية شيقة وجذابة تُمتعه وتجعله يُحلق في السماء بأفكاره وخياله ومشاعره.